مهزلة الفتوى والتشريع
الواجب على رئيس الفتوى والتشريع استرجاع الرواتب التي تسلمها أولئك المتغيبون بغير وجه حق، والواجب كذلك محاسبة المسؤول الذي غض الطرف عن غياب أولئك المحامين، وتساهل معهم، ولم يطبق قوانين الدولة عليهم عدة سنوات، ولا نعلم خلال هذه المدة ما القضايا التي خسرتها الدولة بسبب إهمال هذه المجموعة وغيابها؟
تصريح صادم أطلقه رئيس الفتوى والتشريع في مقابلة على وسائل التواصل الاجتماعي قبل أسبوع، حين قال إنه اكتشف وجود خمسة من كبار محامي الفتوى ومستشاريها لا يداومون منذ خمس سنوات، وإن هذا ما أدركه هو، ولا نعلم كم سنة مضت على غيابهم قبل قدومه، ورغم ذلك فقد تسلم أولئك المتغيبون رواتبهم كاملة مكملة من الفتوى خلال سنوات انقطاعهم عن العمل، وربما تمت ترقيتهم أيضاً وربما حصلوا على مكافآت أخرى، حيث إن كل واحد من أولئك الخمسة المتغيبين له مكتب مخصص باسمه في مبنى الهيئة.رئيس الفتوى قال أيضاً إنه حاول التفاهم مع أولئك المتغيبين على قاعدة "عفا الله عما سلف"، وهي قاعدة تصلح في حقوق الإنسان الشخصية، لكنه لا يملكها في الحقوق العامة، ومع هذا لم يستجيبوا له، ثم إنه قام بفصلهم من العمل، ونحن نشكر السيد رئيس الفتوى على تصرفه المتأخر، ولكن ما صرح به غير كاف.
الواجب على رئيس الفتوى والتشريع استرجاع الرواتب التي تسلمها أولئك المتغيبون بغير وجه حق خلال السنوات الماضية واعتبار ما فعلوه جناية استيلاء على المال العام، وهي بالمناسبة لا تسقط بالتقادم، كما أنها قضية تعرفها إدارة الفتوى والتشريع جيداً، فمثلها ترفع عشرات القضايا على صغار موظفي الدولة ممن تنطبق عليهم هذه الحالة سنوياً، والواجب على الفتوى والتشريع أيضاً محاسبة المسؤول الذي غض الطرف عن غياب أولئك المحامين، وتساهل معهم، ولم يطبق قوانين الدولة عليهم عدة سنوات، ولا نعلم خلال هذه المدة ما القضايا التي خسرتها الدولة بسبب إهمال هذه المجموعة وغيابها؟لا يجوز في دولة المؤسسات والعدالة والقانون أن يتم التفريق بين موظفي الدولة حسب مزاج المسؤولين وحسب واسطة الموظفين، ولا يعقل أن ديوان الخدمة المدنية يفرض حساباً صارماً على دوام كل موظف حكومي يتأخر ١٠٥ دقائق شهرياً ويخصم من راتبه ويحيله إلى التحقيق إذا تكررت مخالفته البسيطة هذه، وفي الوقت نفسه نجد موظفين يسرحون ويمرحون في أكل أموال الدولة بالباطل، فيتسلمون رواتبهم كاملة وهم نائمون في بيوتهم أو منشغلون في عملهم التجاري أو يدرسون خارج البلد بسبب مسؤول جبان لا يتخذ قراراً، أو مسؤول لا يحلل ولا يحرم في أموال الدولة! متى تنتهي هذه الظواهر القبيحة في العمل الحكومي؟ ومتى يطبق القانون بعدالة ومساواة؟ والله الموفق.