للوهلة الأولى يمكن للمرء أن يُذهل بتلك الزهور الأرجوانية وأوراقها الخضراء الكبيرة الزاهية، التي تطفو على سطح المياه، لكن بطول جذورها الغارقة عميقاً في نهر الفرات، تهدد "زهرة النيل" العراق، ولقبه المعروف منذ القدم باسم "بلاد الرافدين".

وتمتص كل زهرة يومياً ما بين 4 و5 لترات من الماء، ويمكنها أن تجفف موارد المياه في واحدة من الدول الأكثر حراً في العالم.

Ad

ولا توفر هذه الزهرة شيئاً، من أهوار المياه إلى الأسماك والصيادين والمزارعين وحتى مياه الشرب. وفي زمن وباء كوفيد- 19، والحظر التام في العراق، لم يتبق الكثير من الأيدي العاملة لمحاولة وقف انتشارها.

ويؤكد جلاب الشريفي أن "الصيادين فقدوا مصادر رزقهم" في جنوب العراق الزراعي، الذي يرزح تحت وطأة الجفاف المتزايد والسدود المبنية في تركيا وإيران المجاورتين.

ولأن المظاهر خداعة، فإن "زهرة النيل" الأنيقة التي تم إدخالها إلى العراق قبل نحو 20 عاماً، بعدما انتشرت في كل مكان بالعالم تقريباً، تختنق تحتها كل حياة.

وليست الثروة السمكية التي تتأثر فقط، ولا جفاف المياه التي تفقد أيضاً معظم مكوناتها، ولكن الزهرة تضعف أيضاً الإنشاءات المحيطة، إذ إن 100 متر مربع من "زهرة النيل" تزن أكثر من 5 أطنان! ففي قرية البدعة، يبدو الجسر الممتد على نهر الفرات وكأنه بناء غريب على حقل أخضر هائل.

ويقول شيخ إحدى عشائر القرية، ويدعى جليل العبودي، إنه "إذا استمرت زهرة النيل في النمو فسينهار الجسر وسد البدعة"، ويحرمان مناطق عدة من المياه من محافظة ذي قار إلى البصرة، على امتداد مئات الكيلومترات.