يبدو أن الضغوط المتصاعدة على إيران، خصوصاً التحرك الأوروبي الأخير الداعم لمساعي واشنطن لتمديد حظر السلاح الأممي على طهران، إلى جانب الانهيار الكبير والمتواصل للعملة الإيرانية مقابل الدولار الأميركي، بدأت تدفع الإيرانيين إلى التفكير «خارج الصندوق» بشأن المفاوضات، خصوصاً بعد مؤشرات ليونة أظهرها المرشد الأعلى علي خامنئي عندما أشاد بمهارات الإمام الحسن التفاوضية، وكذلك موقفه المرن نسبياً من لقاء لم يتم بين وزير الخارجية محمد جواد ظريف والمبعوث الأميركي الخاص بملف إيران برايان هوك في إسطنبول الشهر الجاري. في هذا السياق، كشف مصدر دبلوماسي أوروبي، لـ «الجريدة»، أن طهران عرضت على الدول الأوروبية من خلال باريس، إجراء مفاوضات خلف الكواليس تشمل «جميع الملفات ذات الاهتمام بين الجانبين»، ومنها البرنامج البالستي والأنشطة الإيرانية الإقليمية، إلى جانب الملف النووي.
وحسب المصدر، فإن الفكرة التي اقترحتها طهران تنص على عقد جولات من المفاوضات السرية، تنتهي في حال التوصل إلى «صيغة تفاهم»، بلقاء بين الرئيسين الإيراني حسن روحاني والفرنسي إيمانويل ماكرون لتثبيت التفاهمات وضمان تنفيذها. وذكر المصدر أن طهران اشترطت أن تبقى التفاهمات غير مكتوبة، وأن تنفذ وقف أسلوب «خطوة بخطوة» لضمان عدم تحولها إلى مجرد «حبر على ورق»، مضيفاً أن طهران تشكو في هذا السياق أن الدول الأوروبية قدمت لها 11 تعهداً خلال التفاوض على الاتفاق النووي لكن لم ينفذ إلا جزء يسير منها بعد التوقيع حتى قبل خروج الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق. وأوضح أن طهران تريد من الدول الأوروبية عدم الالتزام بالعقوبات الأميركية والضغط على واشنطن لوقف إصدار عقوبات جديدة ورفع الموجودة تدريجياً، مقابل تنفيذها كل التفاهمات التي يتم التوصل إليها حول البرنامجين «النووي» و«البالستي» والأنشطة الإقليمية. وقال إن الاقتراح الإيراني الذي عرضته باريس بالفعل على واشنطن لم يلق أي حماسة أميركية، بل على العكس، أبلغت واشنطن الجانب الفرنسي أنها تلقت عرضاً إيرانياً لتوسيع مفاوضات تبادل السجناء لتشمل أفغانستان واليمن. وحسب المصدر، فإن واشنطن متمسكة بمبدأ أن يجري تتويج أي اتفاق بين الرئيسين ترامب وروحاني حتى لو كان مجرد إعلان تفاهمات أو نوايا.تأتي هذه المعلومات في وقت سلمت الولايات المتحدة لشركائها في مجلس الأمن مشروع قرار يدين الهجمات التي وقعت عام 2019 بالسعودية، في إشارة إلى هجمات «أرامكو» المنسوبة إلى إيران، ويقترح تمديد الحظر الأممي المفروض على الأسلحة لهذا البلد.وستنتهز الولايات المتحدة، التي تدعمها منذ الجمعة فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، فرصة عقد اجتماع نصف سنوي لمجلس الأمن حول إيران في 30 الجاري للدفاع عن مشروعها، الذي من المتوقع أن تعارضه روسيا والصين. ولم يتم تحديد موعد للتصويت حتى الآن.وكانت «الجريدة» علمت من مصادر أوروبية أن واشنطن ستعتمد على تقرير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي صدر قبل أيام، وأكد أن إيران هي مصدر الصواريخ والطائرات التي ضربت منشآت «أرامكو» النفطية، إلى جانب قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي اتهم إيران بعدم التعاون في التفتيش النووي، كذرائع لتمديد حظر الأسلحة على طهران الذي من المفترض أن يبدأ رفعه في أكتوبر حسب الاتفاق النووي. وعلمت «الجريدة» كذلك أن موسكو قد تقبل تمرير تمديد حظر التسلح على طهران إذا وافقت دولة أوروبية واحدة من أصل ثلاث دول وقعت الاتفاق النووي، هي فرنسا وألمانيا وبريطانيا، على مساعي واشنطن لتفعيل ما يسمى «آلية الزناد» التي تسمح بإعادة كل العقوبات الأممية الاقتصادية على طهران في حال خالفت بنود الاتفاق. وتقول إيران وروسيا والدول الأوروبية إن واشنطن خرجت من الاتفاق، وبالتالي لا يحق لها تفعيل الآلية. لكن هناك معلومات أن بريطانيا قد تمضي مع واشنطن بهذه الخطوة، الأمر الذي سيجعل من موافقة موسكو على تمرير حظر السلاح حلاً وسطياً. ويلفت خبراء إلى أنه حتى في حال تم تفعيل آلية الزناد فإن قرار إعادة العقوبات الاقتصادية الأممية على طهران يحتاج إلى لجنة تشكل من الدول الموقعة لفحص الانتهاكات الإيرانية المفترضة، غير أنه في هذه الحالة سيكون ملف إيران النووي عاد إلى عهدة مجلس الأمن، وهو ما تعارضه طهران بشكل مطلق.
أخبار الأولى
طهران تعرض على الأوروبيين «اتفاقاً غير مكتوب»
24-06-2020