لم يشعر الشاب الثلاثيني بالفرق لغياب الصحف الورقية القسري طوال 43 يوماً، فهو في حالة خلاف بائن معها منذ سنوات، ولذلك لم تحدث عنده أية فوارق في حياته اليومية!هذا السلوك لم يكن واحداً؛ فرجل الأعمال البالغ من العمر فوق الستين اعتبر أن يوم الثلاثاء الثالث والعشرين من يونيو 2020 هو يوم الفرحة له ولأسرته، فقد عادت الروح إليه بمجرد أن لامست يداه الصحيفة التي انتظرها طويلاً.
التباين الواضح بين الجيلين في التعامل مع الصحف الورقية سيبقى قائماً، وإن كان إلى حين... فالجيل القادم، وبعد عشر سنوات تقريباً، ربما لن تعني الصحيفة الورقية له شيئاً، بل قد تصبح عالماً غريباً، بعدما يدخل المدرسة ويستبدل الكتاب بالـ"أونلاين"، عندها سيحدث الانفصال.43 يوماً شكلت مرحلة انتقالية بين القارئ عموماً وبين الصحيفة الورقية، وقد تكون عملية اختبار لما هو قادم، ولما ستتعرض له الصحف، قبل التحول بالكامل إلى الـ"أونلاين"، وهنا سيكمن التحدي والمواءمة بين الورق والـ"أونلاين"، باعتبار أن لكل منهما أدوات ومحتوى مختلفة تماماً عن الآخر. "الجريدة" استطلعت عدة آراء، من أعمار مختلفة، بخصوص غياب الصحف الورقية وعودتها من جديد، وكان واضحاً الاختلاف الشديد بين الجيلين، إن صح التعبير، جيل تعوّد قراءة الصحيفة الورقية، وجيل يرى أن علاقته بها توقفت قبل وصول وباء الكورونا. البعض ممن هجر الصحف الورقية كان يقرأ صحيفته اليومية المفضلة، الآن صار باستطاعته أن يقرأها إلى جانب كل الصحف بعمل مسح شامل، وبإيصالها إليه وتصفحها ساعة يشاء، ومنذ لحظة إنزالها على المواقع، وإرسالها عبر الواتساب أو الإيميل. على الطرف الثاني، بقي حنين البعض إلى الورق ورائحة الحبر قائماً، ولم يغادرهما، بل اعتبر أن هناك شيئاً ينقصه في حياته اليومية، لدرجة أن يومه بعد عودة النسخة الورقية أصبح أكثر تنظيماً من ذي قبل، هذه الفئة اعتادت منذ الصغر تصفح الجريدة والاحتفاظ بها "كملكية خاصة"، تغمرها السعادة عندما تراها بعيونها. ستُشكل فترة الغياب القسري للصحافة الورقية مدة 43 يوماً فرصةً لرسم ملامح المرحلة القادمة، وعلى ضوء تجارب صحف عريقة خاضت تجارب مشابهة، لم تتخلَّ فيها عن الطباعة الورقية، بل تلازمت مع الـ"أونلاين"، وقدمت لكل منهما "وجبة كاملة"، بعدةٍ مختلفة من حيث المحتوى والشكل والإدارة!
أخر كلام
الستيني اشتاق لرائحة الورق والثلاثيني «عادي»!
24-06-2020