قبل أيام من استفتاء على تعديل دستوري يفسح المجال لبقائه في السلطة، احتفى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، بـ "التضحية السوفياتية"، في كلمة استهلّ بها عرضا عسكريا ضخما في ذكرى النصر في الساحة الحمراء يجري تحت شعار الوطنية في الذكرى الـ75 للانتصار على ألمانيا النازية.

وشدد بوتين على الدَّين المترتب إلى اليوم على العالَم تجاه الاتحاد السوفياتي، لدى إشراف على العرض العسكري قائلا: "من المستحيل أن نتصور حتى كيف يمكن أن يكون العالم اليوم لو لم يأت الجيش الأحمر للدفاع عنه".

Ad

وتابع خاطباً في القوات المشاركة في العرض بالبدلات الاحتفالية، ومن دون كمامات، رغم تفشي وباء "كوفيد 19"، إن "الجنود السوفيات حرّروا دول أوروبا من الغزاة، ووضعوا حدا لمأساة المحرقة، وأنقذوا شعب المانيا من النازية، تلك العقيدة الفتاكة".

ولم يجدّد الرئيس الروسي في خطابه ذي النبرة الوطنية من غير أن يكون هجوميا، الاتهامات التي وجّهها أخيرا للغرب الذي يتهمه بالتقليل من أهمية الدور السوفياتي في وضع حد للحرب العالمية الثانية لأغراض سياسية.

وأكد أن الاتحاد السوفياتي "دمر 75 بالمئة من الطائرات والدبابات والقطع المدفعية للعدو".

وفي إشارته الوحيدة إلى العالم الحالي، دعا الأسرة الدولية إلى الوحدة في مواجهة التحديات المطروحة اليوم، موضحاً "ندرك أهمية تعزيز الصداقة والثقة بين الشعوب، وفتح حوار وتعاون حول المسائل الحالية المطروحة على الأجندة الدولية".

وكان من المقرر أن يجري العرض البري والجوي الذي يشارك فيه نحو 14 ألف جندي و200 آلية في 9 مايو، كما في كل عام، على أن ينظّم الاستفتاء على الدستور في 22 أبريل.

لكن الأزمة الصحية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا المستجد أرغمت بوتين على إرجاء الحدثين.

وتسمح الإصلاحات التي ستطرح على الروس في الأول من يوليو، لبوتين بالبقاء في السلطة لولايتين إضافيتين من 6 سنوات.

وبينما تنتهي ولاية بوتين الحالية عام 2024، تضمن له التعديلات الدستورية المطروحة البقاء في السلطة حتى 2036، حين يبلغ من العمر 84 عاما.

ورغم أن روسيا لا تزال تسجل يوميا آلاف الإصابات الجديدة بالفيروس، وأن التجمعات العامة لا تزال محظورة في موسكو، حتى مع رفع الحجر المنزلي، فقد أصرّ بوتين على تنظيم العرض العسكري في 24 يونيو، وهو تاريخ يحمل رمزية، إذ شهد أول عرض من نوعه عام 1945، وعلى إجراء الاستفتاء في أعقابه.

ودعا رئيس بلدية العاصمة سيرغي سوبيانين سكان موسكو إلى لزوم الحذر ومشاهدة العرض عبر التلفزيون، في حين فضلت نحو 15 مدينة إلغاء عروضها العسكرية.

وغاب القادة الغربيون عن المراسم، إضافة إلى بعض قادة دول الاتحاد السوفياتي السابق، مثل رئيس وزراء أرمينيا ورئيسي أذربيجان وتركمانستان.

وهذه من أوائل إطلالات بوتين العلنية منذ رفع الحجر في موسكو. وتضمّن العرض أسلحة حديثة من آخر ما طورته روسيا، ما يرمز إلى طموحها المتنامي بمواجهة الغربيين على الساحة الدولية.

ويشكّل العرض العسكري والخطاب نقطة محورية لبوتين قبل التصويت الشعبي على تعديلاته الدستورية الواسعة النطاق.

وفي ظل تفشي الوباء، سيكون بإمكان الروس التصويت عبر الإنترنت أو في مكاتب التصويت اعتباراً من اليوم، قبل أسبوع من التاريخ الرسمي للاستفتاء في الأول من يوليو.

وينص هذا الإصلاح الدستوري الذي أعلن بشكل مفاجئ في يناير، وجرى بشكل مسرّع قبل أن يشلّ الوباء الآلية، على تعزيز الصلاحيات الرئاسية.

كما سيُدرج ضمن الدستور بعض المبادئ المحافظة، مثل ذكر "الإيمان بالله" وتحديد الزواج على أنه بين رجل وامرأة. ونددت المعارضة بالتعديل الدستوري، باعتباره ذريعة لبقاء بوتين في السلطة.

وقال بوتين نفسه، الأحد، إن الإصلاح الدستوري يعني أنه يتحتم "الانكباب على العمل بدل البحث عن خلَف".

وأمس الأول، أعلن الرئيس الروسي زيادة الضريبة على أصحاب الدخل المرتفع، إضافة الى مساعدات وإعانات جديدة لمواجهة أزمة "كورونا".

وهو أول تعديل على معدل الضريبة الواحد بـ13 بالمئة.

وقال بوتين إن الضريبة على الدخل الذي يفوق خمسة ملايين روبل (64240 يورو بسعر الصرف الحالي) ستكون بـ15 بالمئة اعتبارا من 2021 مقابل 13 بالمئة حاليا. كما أعلن مساعدات وإعانات جديدة للأسر والمؤسسات التي طالتها العواقب الاقتصادية لجائحة "كورونا".

وحذّر بوتين من العواقب الاقتصادية للجائحة، ووصفها بـ "التحدي الجدي على روسيا".