حتى هذه اللحظة ونحن نسمع ونقرأ عن الفساد دون أن نرى فاسداً، علماً أن الفساد فعل لا يمكن أن يقع بلا فاسد، ولكن أين الفاسد أو الفاسدون الذين نبحث ونتحدث عنهم ليلاً ونهاراً وكأنهم من الجن لا يمكن رؤيتهم؟ والغريب أن الكل يتحدث عن الفساد حكومةً ونواباً وتجاراً وشعباً، أي أن الدولة بأكملها تتحدث عن هذا الفساد، ولكن لا أحد يعرف الفاسد، وإن أرادوا الحديث عن شخص بعينه فنجده في نهاية المطاف قد حفظت قضيته كالقبيضة وغيرهم لعدم كفاية الأدلة أو لسبب آخر في بطن الشاعر الذي يقر الفساد وينشد فيه الأشعار.فسادنا أصبح مملاً لكثرة الحديث عنه ومضيعة للوقت لعدم وجود فاعل له قد تمت معاقبته، ولأننا نقرأ ونسمع عن الفساد في بقية دول العالم ومعاقبة الفاسدين إلا أننا هنا نسمع عنه فقط دون معاقبة مرتكبيه، الأمر الذي قد نكون في المدينة الفاضلة التي نسمع عنها في الروايات أو أننا ملائكة لا نعرف للشر طريقاً ولا نرتكب المعاصي والمفاسد، وكل ما نراه ونسمعه هو وهم أو روايات وأساطير للأولين.
فسادنا لا يتجاوز صفحات الجرائد ومحطات التواصل الاجتماعي، وتحدثت عنه الصحف العالمية، بل شارك فيه الأجانب ومع ذلك مازلنا ملائكة ومدينتنا فاضلة، حيث لا يعقل أن الفساد من أخطر المظاهر السلبية وأكثرها فتكاً بالأمن والسلم المجتمعي ويصيب مفاصل حيوية ومؤثرة في الدولة ومؤسساتها والحكومة والبرلمان، وكل المؤسسات والهيئات المتعلقة بالرقابة والمتابعة له في سبات، لذلك لا يمكن لنا كمواطنين أن نتحدث عنه دون أدوات نملكها لاقتلاعه، فجميع الأدوات بيد السلطة التي ما زالت تبحث عن فاسد ولم تجده رغم اعترافها بانتشار الفساد.يعني بالعربي المشرمح:كيف نتحدث عن الفساد في المدينة الفاضلة التي لم تعاقب فاسداً واحداً حتى الآن، رغم أن فسادنا تجاوز الحدود وأصبح عالمياً تتحدث عنه حتى وسائل الإعلام العالمية، وما زلنا نبحث عن الفاسد والفاسدين، فلا يمكن أن يكون لدينا فساد بدون وجود فاسدين إلا إذا كنا ملائكة وإن حديث الحكومة والبرلمان والناس مجرد أحاديث للتسلية ومضيعة الوقت.
مقالات - اضافات
بالعربي المشرمح: المدينة الفاضلة والفساد!!
26-06-2020