داودينغ: الشيخ مبارك يعتبر سفوان والحفر من الأراضي الكويتية
نستمر في استعراض تقرير الضابط الإنكليزي، النقيب هنري داودينغ، الذي طبع في مدينة شيملا بالهند عام 1903 بعد زيارة للكويت، بهدف جمع أكبر معلومات عنها.في المقال الماضي تناولت ما ذكره التقرير عن انتشار اسم الكويت بين الناس في بريطانيا، وأسباب ذلك، كما أشرت إلى أهمية الكويت، وموقعها الاستراتيجي بالنسبة لبريطانيا.اليوم سنتحدث في مقالنا عمَّا قال تقرير داودينغ عن حدود الكويت. وهنا أودُّ القول إن الحديث عن هذه المسألة الحساسة ليس هدفه إثارة الفتنة أو الجدل، بل هو أمر تاريخي توثيقي هدفه معرفة ماذا كُتب عن هذا الموضوع فيما مضى.
يقول التقرير: "من المستحيل الإقرار بشكل دقيق إلى أيّ مدى إلى داخل البر من ساحل الخليج العظيم يُطلق الاسم على إقليم الكويت". ويبدو أن النقيب داودينغ لم يبذل من الجهد في البحث ما يكفي حول هذا الأمر، لكي يعرف أن أراضي الكويت من الساحل إلى الجنوب والغرب والشمال تمتد إلى أبعد من ذلك بكثير من الأميال باعتراف جيرانها. لكنه رغم ذلك، ينقل لنا رأي الشيخ مبارك الصباح بهذا الخصوص، فيقول "إنه (أي الشيخ مبارك) يدَّعي ملكية سفوان في الشمال والحفر في الغرب، رغم أنه لم يتسلَّم مطلقاً ضريبة أو دخلاً من أي من هذين المكانين". ويستدرك كاتب التقرير بالقول إن ذلك ليس غريباً، طبقاً لقول الشيخ مبارك، الذي أكد له "أنه ليس من عادته أن يأخذ ضرائب من القبائل الموالية له". عموماً، يقول التقرير كخلاصة في نهاية تعليقه على موضوع الأراضي الكويتية: "ربما يعتبر (الشيخ مبارك) أن أراضيه تمتد إلى النقطة التي يشعر فيها بقوته، أو إلى المدى المحتمل الذي يستطيع أن يدَّعيه". واختتم الضابط داودينغ رأيه حول هذا الأمر بالقول إنه يرى أن حدود الكويت مع جيرانها تمتد من السواحل إلى الأراضي التي لا يسمح الشيخ مبارك لأي قبيلة معادية أو قوة مجاورة أن تعيش عليها.بعد ذلك يتناول التقرير وصفاً لساحل الكويت، فيقول: "ساحل الكويت جميل، يمتد شرقاً وغرباً بطول 20 ميلاً تقريباً، وعرض عشرة أميال، مما يجعله ساحلاً ممتازاً ومزدهراً. والأراضي المجاورة إلى الجنوب منخفضة المستوى وصحراوية ممتدة إلى حدود النظر". هكذا كان وصف داودينغ لساحل الكويت، حيث يقول إن امتداد الساحل من الجهة الشرقية إلى الجنوب يبلغ 20 ميلاً تقريباً، أي من دسمان إلى الفنطاس تقريباً، وهو في رأيي وصف ناقص، إذ إن العديد من القرى الساحلية تنتشر في أراضي الكويت، مثل: الشعيبة والفحيحيل وجليعة والفنطاس، وغيرها، وكلها تبعد عن مدينة الكويت أكثر من 20 ميلاً، وهي جزء لا يتجزأ من الكويت. أما من الغرب، وهو الامتداد على الساحل من دسمان غرباً إلى نهاية جون الكويت، فإن داودينغ كتب في تقريره أنه يمتد حوالي 10 أميال، وهو بذلك لم يكن بعيداً كثيراً عن الصواب.في المقال المقبل سنتناول، إن شاء الله، ما كتبه التقرير عن قلعة رآها النقيب داودينغ في الكويت.
صورة وردت في التقرير يبدو فيها جزء من ساحل الكويت في عام 1902 كما تبدو ثلاثة مدافع موجهة للبحر وبعض النقع البحرية.