بغداد تخوض أخطر مواجهة ضد «الميليشيات»
حملة مصطفى الكاظمي على «حزب الله» تلقى دعماً شعبياً وتغضب الفصائل
منذ فجر يوم الجمعة الماضي يتردد الرأي العام العراقي في تصديق أن الحرب بدأت بين الدولة والميليشيات الموالية لإيران، ومضى نهار طويل كي يتأكد أن «الكوماندوز العراقي» اعتقل 13 عنصراً من أبرز فصيل يقصف مقرات الحكومة والسفارات الأجنبية، قبل أن تقوم الأطراف المسلحة نفسها بتأكيد حصول المواجهة وإطلاق تهديدات لرئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، ومطالبته بأن يكون محايداً بين «المقاومة» وواشنطن.وأصدرت العمليات المشتركة، وهي أرفع غرفة أمنية تنسق مع التحالف الدولي، بياناً أوضحت فيه أن الدولة ماضية في التحقيق مع خلية تهدد أمن البلاد، وأنها ترصد كل التحركات التي تحاول الضغط من أجل إلغاء التحقيق.وحظيت هذه الخطوة بتأييد واسع لدى الرأي العام منذ مساء الجمعة، خصوصاً بعد إعلان أن التحقيق توسع ليشمل ممثلين من جهاز المخابرات ووزارة الدفاع والأمن الوطني، وتكليف جهاز مكافحة الإرهاب وقائد قوات النخبة عبدالوهاب الساعدي ذي الشعبية الواسعة، بحفظ أمن التحقيق وتحصين مقرات الحكومة في المنطقة الخضراء بقلب بغداد.
وتمر مواقف الميليشيات بلحظة وصفت بأنها هيستيرية تكللت برسالة متلفزة لقيس الخزعلي قائد «عصائب أهل الحق»، هدد فيها رئيس الحكومة بأنه يقوم بفعل لم يسبق أن تجرأ عليه أي رئيس حكومة عراقي سابق، مما حظي بردود فعل شعبية واسعة استنكرت ذلك، وأيدت قرارات الحكومة، التي يبدو أنها عملية واسعة ستتواصل خلال الأسابيع المقبلة، لتطويق نفوذ الفصائل المسلحة الموالية لإيران.وقال مصدر مقرب من الحكومة إن التحقيقات مع مسلحي فصيل يعرف بـ «كتائب حزب الله ـــ العراق»، متواصلة منذ ٤٨ ساعة، وقد اشتركت فيها أعلى القيادات الأمنية، حيث عثر لديهم في أطراف بغداد الجنوبية، على منصات إطلاق صواريخ ومصنع للقذائف، كما اعتُقل شخص أجنبي لم تحدد جنسيته بعدُ، وتضاربت المعلومات حول إطلاق سراحه. وذكر المصدر، لـ «الجريدة»، أن الشخص الأجنبي يتكلم الفارسية والعربية بلهجة لبنانية في الوقت ذاته، ويرجح علاقته بحزب الله، مضيفاً أن التحقيق في ساعاته الأولى اقتصر على قضاة الحشد الشعبي المرتبط بالميليشيات، لكنه توسع ليشمل كل وكالات الاستخبارات لاحقاً، وسيتواصل.وأشار إلى أن القضاة وضباط الاستخبارات الذين يتولون التحقيق مع مطلقي الصواريخ، أغلقوا هواتفهم ولا يغادرون المبنى المخصص للاستجواب، وينامون إلى جوار غرفة المعتقلين، في تحقيق وصف بأنه الأخطر منذ ١٧ عاماً، لأنه يمكن أن يؤثر على قواعد العمل التقليدية أمنياً وسياسياً في البلاد، لا سيما تلك التي ضمنت النفوذ الإيراني سنوات. ورأى مراقبون أن الزخم الشعبي الكبير الداعم لهذه الخطوة شجع الحكومة وقيادات الأمن على اتخاذ قرارات كبيرة، ستتضح معالمها لاحقاً، رغم تشكيك جهات سياسية في مدى إمكانية صمود فريق رئيس الحكومة طويلاً أمام تهديدات إيران.وقال المصدر إن العمليات بدأت لتوها، موضحاً أن هناك أهدافاً كثيرة يجب وقف تهديداتها، من أبرزها في هذه المرحلة خمسمئة مسلح ميليشياوي، زرعتهم حكومة عادل عبدالمهدي في المنطقة الخضراء بعد اندلاع احتجاجات أكتوبر الماضي لحماية الحكومة، وسيبدأ التعامل معهم فوراً رغم تحذير الميليشيات لفريق الكاظمي.ولم يصدر حتى الآن موقف إيراني رسمي إزاء التحقيقات، لكن وسائل الإعلام القريبة من طهران تصف الكاظمي بأنه ارتكب خطأ كبيراً قد يقود إلى معركة «تكسير عظام» بين حكومتي البلدين.