والدي ينصح سائق «البوسطة» وينزل في برمانا بالمصادفة
نعود إلى لبنان مرة ثانية، لتكملة المقال السابق... ولا شك في أنه عند سفر أيّ إنسان لأيّ بلد للمرة الأولى في حياته، يصادفه كثير من المواقف والمفارقات العجيبة، فكيف وإن كان في الزمن القديم، والكويتيون لا يعرفون إلا الهند والدول المجاورة، وهي تختلف تماماً عن لبنان في كل النواحي؟!ولتكملة المقال السابق: ركب الوالد الباص، الذي أخذ يتهادى ببطء في صعود الجبال المتعرِّجة بطريق ضيِّق وملتوٍ، وهو ينظر إلى الأسفل، ويرى البيوت والأشجار تصغُر كأنها لعب أطفال! وخوفاً من سقوط الباص في الوادي، أخذ يصيح بين الفترة والأخرى، منادياً على سائق الباص، لأخذ الحيطة والحذر والانتباه، وكأن السائق متدرِّب جديد!التفت سائق الباص ناحية الوالد وخاطبه: "يا عمي خلّينا نسوق... على وين رايح؟".
أجاب: الجبل!فردَّ السائق بطريقة اللبنانيين: "نحن هون في الجبل"! وأخذ يعدِّد: "بدَّك تنزل في بيت مري، برمانا، بكفيا".فسكت، لأنه لا يعرف ولا يدري أي شيء عن هذه البلدات التي ذكرها، ولم يسمع عنها من قبل، والشيء بالشيء يُذكر، حتى البلدات المعروفة لدى الكويتيين الآن، مثل: بحمدون وحمانا وفالوغا، لم يكن أحد يعرفها في ذلك الوقت، إذ بدأت تستقطب السياح مع بدايات الخمسينيات!ويبدو أن بقية الركاب نزلوا في بلدة برمانا، فنزل معهم!ونكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة.أما الصورة، فهي بالعام التالي (1944)، عندما جاء الوالد إلى لبنان مع شقيقي الأكبر بدر محمد العبدالمغني، يرحمه الله، وهو من مواليد عام 1930، ليلتحق بالدراسة في كلية برمانا العالية.