كتب أحد الإخوة في "تويتر" رسالة استفتاء مؤلمة من موظف حكومي سأله قائلاً: "شيخ اتصل مسؤولي وقال لي: وضعنا اسمك ضمن الصفوف الأمامية، وأنا لم أعمل معهم ولا ساعة واحدة، فماذا أفعل؟ قال له الشيخ: ارفض واعتذر. قال: أستحي منه؛ فهل لما أستلمها أوزعها على بعض أقربائي من المحتاجين؟ قال الشيخ: لا بل ترجعها إلى المحاسبة في وزارتك وقل جاءتني بالغلط". قرار الدولة مكافأة العاملين في مواجهة كورونا صدر في توقيت غير موفق نهائياً، وما قام به ديوان الخدمة المدنية من تعقيد شرائح المكافأة زاد الطين بلة، وأما الفساد الحقيقي فكان في بعض الجهات التي أضافت من لا يستحق إلى بند المكافآت وتلاعب مسؤولوها بكشوف الأسماء بلا خوف من حلال وحرام.
أقل أمر كان يسع مجلس الوزراء فعله لتكريم العاملين في أزمة كورونا هو الانتظار حتى نهاية الأزمة وجلاء آثارها، فحينها يكون القرار موفقاً، أما أن تعلن عن المكافأة والأزمة قائمة ولم تنته وربما تعود وتطول فهذا موقف غير صائب نهائياً.أيام الغزو العراقي عمل شباب الكويت سبعة شهور العجائب من المقاومة المدنية والعسكرية والصمود على أرض الوطن ومواجهة المحتل ليل نهار بكل بسالة وبطولة حتى زوال الاحتلال وفرار آخر جندي من البلد، لم يفكر أبناء الوطن آنذاك وهم يديرون الكويت داخلياً ويقومون برعاية الصامدين ويواجهون الإساءة والظلم والاعتداء والخطف والقتل بمكافآت ولا ماديات، ولم يساوموا على أهلهم وديرتهم بالدينار والدرهم، فكانت بطولاتهم مفخرة سجلها التاريخ ورفعت اسم الكويت عالياً.إعلان قرار المكافأة في وسط الأزمة قتل كل المشاعر النبيلة التي دفعت العاملين لمواجهة الوباء طوعاً واحتساباً، وأفسد الرغبة بالتضحية والعطاء التي أشعلت قلوب شباب الكويت وبناتها من اليوم الأول لتحمل المواجهة الخطيرة والمميتة أحياناً ضد هذا الوباء، وبدلاً من أن تقوم الدولة باستثمار هذه المشاعر ورعاية هذا المد الوطني الأبيض والعطاء الأخلاقي الواسع ألقت الحكومة بقنبلة هوائية مدمرة حولت كل هذه الإنجازات الإنسانية الرفيعة إلى فراغ قاتل، وإلى حلبة دنيوية متهالكة للسباق على جمع حفنة من الدنانير! خدمة الناس ورعاية المجتمع من صميم مبادئ ديننا العظيم ومما ورثه الكويتيون من آبائهم وأجدادهم، وهي أمور ترتقي بها الأمم وتعلو بها الشعوب، فإذا عجزتم عن استثمار هذه المفاهيم القيمة فنرجوكم رجاء حاراً ألا تفسدوها، وتقتلوا همم ونوايا أبناء الوطن، والله الموفق.
مقالات
كيف حولتم هذا العطاء إلى حفنة من الدنانير؟
30-06-2020