سمر المقرن!
أهدتني روايتها المعنونة "كذبة أبريل"، وكتبت لي على الإهداء: "رغم كل الكذب في هذا العالم، أثق بأنّك ستجد هنا الكلمة الصادقة"... وبصدق أقول إن رواية "كذبة أبريل"، هي أقرب ما تكون إلى حالة تسجيلية صادقة على لسان إنسانة إذا لم تكن قد عايشت التجارب بنفسها، فإنّها تعكس المجتمع الذي عاشت فيه. ودعوني هنا أن أصوِّر ما كتبته سمر المقرن عن الطريقة التي يتم بها اختيار الزوجة، فتقول على لسان بطلة روايتها: "كنت أعيش في عالَم شبه معزول، حياة أسرية تقليدية، مطلقة، في منزل الأسرة، ألملم داخل أحضاني ابنتي أمل، وجروح حملتها باكراً من زواج فاشل تم دون سابق معرفة، حدث مثل معظم الزيجات السعودية، الأم تبحث لابنها عن زوجة، تختار فتاة تعجبها، ويتقدَّم الشاب إلى أهلها ليراها، فإنّ أعجبته تم الزواج، وإلّا ينصرف... مثل هذا المشهد كنت أستهجنه في مجتمعي. أشعر وكأن الفتاة مجرَّد (بضاعة) يأتي المشتري ليعاينها. الفكر المجتمعي تحكمه المظاهر. الشاب يختار الفتاة لشكلها، لا يفكر بشكلها الداخلي، ولا طريقة تفكيرها، ولا طباعها، إن كانت تتوافق معه أم لا! أهم شيء في موضوع الزواج أن تكون البنت حلوة!
مضيت أفكّر، وإن لم أفكّر، فلا خيارات أمامي... سأظل بمنزل أهلي أنتظر مَنْ يأتي ليُعاين البضاعة، فإن أعجبته أخذها، وإلا فسيبحث في منزل آخر عن بضاعة أخرى". ***وتواصل سمر هذا الوصف، الذي استمرت به حتى نهاية الرواية، حيث جاء: "في مجتمع منغلق لا تملك الفتاة حق اختيار شريك حياتها، فأين ستراه وكل الأماكن معزولة، لا تلتقي فيها النساء بالرجال، بحكم أن (الاختلاط) محرَّم، وأنه يقود إلى الرذيلة، لذا تظل الفتاة تنتظر اليوم الذي يطرق فيه الخاطب باب أهلها، وتحصل الموافقة في أغلب الأحيان بناءً على الشكل الخارجي. أما الحياة المستقبلية، فهي في علم الغيب، وتعتمد على مسألة (الحظ) في حدوث قبول بين الطرفين، وإما نفور، والثاني هو ما تترجمه كثرة حالات الطلاق التي تتم خلال العام الأول من الزواج".***"تدعوني أمي إلى المطبخ، من المهم أن تتزوَّج الفتاة، ومعها حصيلة لأشكال الطبخ والنفخ. أمي مثل بقيّة أمهات المجتمعات الشرقية تؤمن بأن طريق الوصول إلى قلب الرجل من خلال معدته. تناديني وأنزل إلى المطبخ بتثاقل. لا أحب الطبخ، وقد أحبّه في حال شعرت بالحب تجاه زوج المستقبل، إلا أن شهراً مضى على الرؤية الشرعية، وهو لم يردّ بعد، ولم يُبلغ أهلي إن كان موافقاً على الاقتران بي أم لا. خرج ولم يعد، والخجل أحياناً يفرض أن يتصل به أهل الفتاة بعد الرؤية الشرعية، بل هو أو أحد من أسرته يتصل ويؤكد الموافقة، لتسير الإجراءات لإتمام الزواج".***وتسترسل سمر المقرن في روايتها القصيرة، لتجد نفسها في النهاية، بعد أن طُلقت، وتعلّقت بأحمد، الذي بادلته حباً، وهو بدوره بادلها حباً، أبدعت في وصفه، لما فيه من ملامح الصدق، لكنّه انتهى إلى كذبة أبريل.. انتهى إلى أن أحمد هذا متزوج، ويريد "المسيار".