لبنان يطوي صفحة «إسكات» سفيرة واشنطن بعد وساطة دولة صديقة
استقالة بيفاني تحرج بيروت أمام صندوق النقد الدولي
يبدو أن بيروت وواشنطن قررتا طي صفحة محاولة إسكات السفيرة الأميركية في بيروت دورثي شيا بقرار اتخذه قاضٍ محلي في مدينة صور يدعى محمد مازح، لكنه اعتُبر على نطاق واسع رسالة من حزب الله. وزارت شيا أمس، وزير الخارجية والمغتربين ناصيف حتّي، بعدما استدعاها الأخير، حيث تطرقا إلى القرار القضائي وتداعياته. وقالت شيا بعد اللقاء إن "الاجتماع كان إيجابياً واتفقنا على طي صفحة القرار المؤسف الذي جاء لتحييد الانتباه عن الأزمة الاقتصادية وطوينا الصفحة للتمكن من التركيز على الأزمة الفعلية".وأضافت أن "الولايات المتحدة ستستمر في مساعدة لبنان وتبقى إلى جانبه وعلاقتنا الثنائية قوية ومتينة"، مؤكدة أن "العلاقات بين البلدين قوية جداً وستكون ذات فائدة على البلدين والشعبين".
من جانبه شدد الوزير حتّي على "حرية الإعلام وحق التعبير، اللذين هما حقين مقدسين". وكان لافتاً خلال كلمة شيا عدم ذكرها "حزب الله" لا من قريب أو بعيد مكتفية بإلقاء كلمة مكتوبة دون الإجابة عن أسئلة الصحافيين. وكشفت مصادر دبلوماسية لـ "الجريدة"، أمس، أن "دولة أوروبية صديقة تاريخياً للبنان دخلت على خط تبريد الأجواء"، مشيرة إلى أن "الدولة ناشدت السفيرة عدم التصعيد من منبر وزارة الخارجية اللبنانية تجنباً لأي رد فعل من حزب الله قد تؤدي إلى عودة التوترات الأمنية". وكان موالون لحزب الله ويساريون يؤيدون الحزب نفذوا اعتصاماً، أمس، أمام وزارة الخارجية احتجاجاً على التدخل الأميركي في الشؤون الداخلية اللبنانية. وعلّقت السفارة الإيرانية في لبنان، عبر "تويتر" أمس، على التصريحات الأخيرة لشيا بالقول: "كلما ثرثرت أكثر، كلما بهدلت نفسها وبلادها أكثر. وهي لا يحق لها أن تنال من بلد آخر، من خلال الأراجيف التي تختلقها". قضائياً، استدعى مجلس القضاء الأعلى القاضي مازح للمثول أمامه اليوم لكن مصادر قضائية كشفت لـ "الجريدة"، أمس، أن "مازح لن يلبي الاستدعاء وهو سيتقدم باستقالته الثلاثاء". في موازاة ذلك، وغداة احتجاجات شعبية واسعة خلال ليل الأحد ـ الاثنين تخللها مواجهات مع الجيش لفتح الطرقات، قدّم مدير عام وزارة المال آلان بيفاني، استقالته من المهام الموكلة إليه في وزارة المال، وتالياً، من عضوية المجلس المركزي لمصرف لبنان، ومن الوفد المفاوض مع صندوق النقد الدولي. وعزا بيفاني أسباب استقالته، إلى اعتراضه على طريقة تعاطي الحكم "كله سوا" مع الأزمة، معتبراً أن "المسار الذي نسلكه اليوم متهور. وبموجبه، فإن الشعب سوف يعاني". وأضاف: "لا أنعي المفاوضات مع صندوق النقد لكن يجب اتباع أداء مختلف". وقالت مصادر متابعة، إن "استقالة بيفاني ستضع لبنان في موقف محرج أمام صندوق النقد الدولي، لاسيما أن استقالته هي الثانية بعد مستشار وزير المال هنري شاوول". وأضافت أن "أسباب الاستقالتين مردها إلى التمادي بالمخالفات وارتكاب الأخطاء، وعدم تطبيق القوانين. لاسيما لجهة الاختلاف على أرقام العجوزات والخسائر بين مصرف لبنان ووزارة المال". ولفتت المصادر إلى أن "المدير العام تصادم مع وزير المال غازي وزني أكثر من مرة، بسبب استبعاده عن حضور الاجتماعات المالية المرتبطة بخطة الإنقاذ الحكومية، لاسيما أن بيفاني له مآخذ كثيرة على الخطة".يذكر أن عدداً من المصارف بدأ، أمس، رفع سعر صرف الدولار المعتمد، لتطبيق تعميمي مصرف لبنان 148 و151، المخصصين للسحوبات النقدية من الودائع بالدولار، إلى 3850 ليرة، بعدما كان 3000 ليرة.في سياق منفصل، وبعد القرار الإسرائيلي بفتح جولة تراخيص على بلوكات النفط والغاز على حدود المنطقة المتنازع عليها مع لبنان، دعا رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون أمس "المجلس الأعلى للدفاع إلى الاجتماع اليوم للبحث في الوضع الأمني وتنقيب إسرائيل على الحدود المتنازع عليها، إضافة إلى موضوع التعبئة العامة". وتطرّق عون، أمس، أمام عدد من زواره إلى ملف الحدود البحرية، معلناً أنه "يتابع المعلومات التي تحدّثت أمس عن قرار العدو الإسرائيلي التنقيب عن النفط والغاز في المنطقة المتنازع عليها مع لبنان قرب"البلوك رقم 9"، معتبراً أنّ "هذه المسألة فائقة الخطورة وستزيد الأوضاع تعقيداً". وأكد عون أنّ "لبنان لن يسمح بالتعدي على مياهه الإقليمية المعترف بها دولياً لاسيما المنطقة الاقتصادية الخالصة في جنوبه حيث بلوكات النفط والغاز خصوصاً البلوك رقم 9 الذي سوف يبدأ التنقيب فيه خلال أشهر".