فوز تاريخي
![جيمس زغبي](https://www.aljarida.com/uploads/authors/222_1682522396.jpg)
واعتمد منافس كل منهما على التبرعات الكبيرة من كبار المانحين أو لجان العمل السياسي لتمويل حملاته الانتخابية، لكن بومان وأوكاسيو كورتيز جمعا أموالهما الانتخابية من المانحين الصغار الأفراد، وفوزهما يعد انتصاراً لإصلاح تمويل الحملات الانتخابية. لكن هناك اختلافان أساسيان بين انتصار أوكاسيو كورتيز وانتصار بومان، يجعلان فوز بومان تاريخياً، فقد كان انتصار أوكاسيو كورتيز صدمة باغتت كرولي والمؤسسة «الديمقراطية»، ولذا، وفي الإصرار على عدم تكرار ما حدث، اصطف خلف إنجل كل من حاكم ولاية نيويورك وعضوي الولاية في مجلس الشيوخ والرئيسة «الديمقراطية» لمجلس النواب وهيلاري كلينتون، لكن بومان بفوزه ضد هذا الطابور الشديد المراس، أثبت أن الموجة التقدمية ليست مجرد ضربة حظ. وهناك الدور الذي أداه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، صحيح أن موقف أوكاسيو كورتيز من العدل للفلسطينيين يضاهي موقف بومان، لكنه لم يكن قط عاملاً بالأهمية نفسها عام 2018، وهذا يرجع في جانب كبير منه إلى أن كرولي لم يجعله قضية محورية، ولم تتعرض أوكاسيو كورتيز لهجوم من جماعات مؤيدة لإسرائيل، إلا بعد أن أصبحت عضواً في الكونغرس، وأصبحت تدافع عمن يتبنى مواقف مماثلة داخل المجلس.لكن بومان كان ينافس شخصاً شديد التأييد لإسرائيل، ويرأس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، وكان إنجل من الشخصيات الممثلة للجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية «أيباك» في الكونغرس، وأرادت جماعات الضعط المؤيدة لإسرائيل ألا يتكرر فوز أوكاسيو كورتيز، لذا استثمرت بكثافة في مسعى إلحاق الهزيمة ببومان، وكانت حماية إنجل مهمة، فقد أنفقت جماعة «الغالبية الديمقراطية من أجل إسرائيل»، وهي جماعة متحالفة مع «أيباك»، أكثر من 1.5 مليون دولار في السباق بين إنجل وبومان، واستهدفت إعلاناتها ضد بومان شخصيته، لأن الجماعة أدركت أنه لا يمكن الفوز بأصوات، من خلال الدعوة لتأييد إسرائيل بسبب نفور الناخبين «الديمقراطيين» من سياسات نتنياهو، فلا مكسب من بيع بضائع فاسدة.وفي النهاية، لم يفز بومان فحسب، بل فاز بهامش حاسم حصد فيه كل المناطق في دائرته وكل الجماعات السكانية الرئيسة، والمثير للاهتمام أنه هزم إنجل حتى في المناطق ذات الكثافة اليهودية، وهذا سبب آخر جعل فوز بومان فوزاً تاريخياً.فقد استطاعت الجماعات المؤيدة لإسرائيل، على مدى عقود، أن تفوز في الكونغرس، لأن الأعضاء كانوا يخشون تداعيات انتقاد إسرائيل، لكن هذا المد ينحسر، وهذه ليست المرة الأولى التي ضاعت فيها جهود «أيباك» لإلحاق الهزيمة بـ«عدو» وإنقاذ «صديق». صحيح، أنه قد يكون من الإسراف أن نأمل أن يحطم فوز بومان في نهاية المطاف أسطورة القوة التي لا تقهر لـ«أيباك»، فالعناصر الأكثر تطرفاً في اللوبي المؤيد لإسرائيل لن تستسلم بسهولة، ولذا يتعين علينا أن نظل منتبهين، لكن فوز جمال بومان يظهر أن التغيير قادم، وهذا ما يجعل انتصاره تاريخياً.