ترامب يتخبط في حملته الهجومية ضد بايدن!
إذا أراد دونالد ترامب أن يهزم جو بايدن، فيجب أن يحدد مواصفاته أولاً، لا يبدو وضعه واعداً حتى الآن!نشرت حملة ترامب حديثاً إعلاناً يزعم أن جو بايدن كان "مدعوماً من أسامة بن لادن"، وبن لادن يعجز طبعاً عن التعليق على الموضوع لأنه قُتِل منذ فترة بأمرٍ من إدارة أوباما التي كان بايدن جزءاً منها، وتُبرّر حملة ترامب ذلك الإعلان على اعتبار أن بن لادن كان يظن أن تنظيم "القاعدة" سيستفيد من قتل أوباما ووصول بايدن إلى الرئاسة.لكنّ هذه الفكرة السخيفة هي جزء من جهود كبرى لإظهار بايدن كشخصية خطيرة، اعتبره ترامب "دمية بيد اليسار الراديكالي"، وهو يجد صعوبة في تصوير بايدن كرمز لوقف تمويل الشرطة وتوجيه الولايات المتحدة نحو الاشتراكية.
حتى الآن، تمكن بايدن من تبديد معظم تلك الادعاءات، ففي بداية الاحتجاجات المرتبطة بمقتل جورج فلويد، رفض الدعوات إلى وقف تمويل الشرطة، وخلال الانتخابات التمهيدية، عارض برنامج "الرعاية الطبية للجميع" ورفض إلغاء قوانين الهجرة والجمارك. ردّ فريق ترامب عبر تخفيف وقع رسائله الخاصة، فزعم أن بايدن شخص بارد وممل وليس حاسماً بأي شكل، وهذه هي المشكلة الحقيقية: إما أن يعتبروه شديد الخطورة أو غير نافع!مجدداً، يعمد المسؤولون في حملة ترامب إلى تشويه صورة بايدن من جهة وتلميعها من جهة أخرى، فهم يزعمون أنه سيكون "حصان طروادة" في حركة "حياة السود مهمة" ودعوتها إلى وقف تمويل الشرطة، وينتقدونه بسبب سجله الحافل بنشر المزيد من الشرطة في الشوارع، كما أنهم يهاجمونه لأنه تعاون مع أعضاء عنصريين في مجلس الشيوخ مقابل التساهل مع الرموز الكونفدرالية. يظن فريق ترامب أنه يستطيع حل هذا التناقض حين يدّعي أن اليسار الراديكالي يؤثر في بايدن بسهولة، ومن باب الإنصاف، هذا الادعاء ليس سخيفاً بقدر ما يبدو عليه أحياناً، وعملياً يُعتبر بايدن سياسياً ديمقراطياً يجيد التكيف مع الآخرين، ولم يطرح نفسه يوماً كوسطي، بل إنه أشبه بخط فاصل بين الديمقراطيين الليبراليين والديمقراطيين الأكثر تحفظاً، بعبارة أخرى بايدن ليس اشتراكياً، بل إنه شخص عملي.لكن تكشف استطلاعات الرأي أنه مطابق لمواصفات الكثيرين لأن المسؤول الممل والمحبوب والعملي يروق لعدد كبير من الناس في الوقت الراهن، وتتعلق مشكلة ترامب الحقيقية بحاجته إلى أصوات أشخاصٍ لا يحبونه، وعلى عكس الخرافات الشائعة حول قوة قاعدته الشعبية، لطالما احتاج ترامب إلى ناخبين لا يحبونه، فقد ساعدته قاعدته على الاقتراب من خط النهاية في عام 2016، لكنّ الناخبين الذين ضمنوا تفوّقه كانوا يكرهون هيلاري كلينتون أكثر من ترامب، وكشف استطلاع أجراه مركز "بيو" في أواخر سبتمبر 2016 أن 11% من المصوّتين لترامب كانوا سيشعرون بخيبة أمل في حال فوزه بالانتخابات.من دون هؤلاء الناخبين، كان ترامب سيخسر حتماً في 2016، وهو يحتاج إليهم هذه المرة أكثر من أي وقتٍ مضى، قد يخسر بعض النقاط في المناطق المحسوبة عليه (من يهتم إذا فاز في ألاباما بنتيجة 5 بدل 10؟)، لكنه بأمسّ الحاجة إلى ناخبيه السابقين الذين سئموا منه في ضواحي الولايات المتأرجحة، ومن الواضح أنه بدأ يخسر تأييد أعداد متزايدة منهم.لقد فات الأوان على استمالة هؤلاء الناخبين ودفعهم إلى تأييد ترامب، لكن نظرياً يسمح الوقت المتبقي بإقناعهم بأن بايدن خيار مخيف أكثر من ترامب، ولتحقيق هذا الهدف، يجب أن يوجّه فريق الرئيس رسالة واضحة مفادها أن ترامب لا يؤثر على قاعدة مناصريه فحسب، بل على المجموعة التي ستحسم نتيجة الانتخابات أيضاً، لكن لا شيء يثبت حتى الآن أنهم قادرون على تنفيذ هذه المقاربة.* جوناه غولدبيرغ