رغم اتفاقات المصالحة بين الحكومة السورية وفصائل المعارضة برعاية روسيا، وثّق المرصد السوري منذ 2018 اعتقال 219 شاباً على الأقل وافقوا ووقعوا على التسويات، خصوصاً في درعا، توفي 32 منهم «على الأرجح تحت التعذيب أو بسبب ظروف صحية سيئة» في المعتقلات.وأحصى مكتب «توثيق الشهداء في درعا»، وهي مجموعة محلية نشأت عام 2012 لتوثيق قتلى النزاع، وفاة 14 منشقاً سابقاً عن النظام منذ تسوية درعا، منهم من سلّم نفسه ومنهم من اعتُقل على حواجز. ولم يسلّم النظام أي جثة أو يحدّد مكان دفنها.
وفي الغوطة الشرقية قرب دمشق، في درعا (جنوب)، في حمص (وسط) وغيرها، خاضت القوات الحكومية معارك ضارية ضد مقاتلين معارضين، وتمكنت بعد أشهر طويلة وأحياناص بعد سنوات من التقدّم على الأرض بدعم جوي روسي ومن مجموعات مسلحة على رأسها حزب الله اللبناني المدعوم من إيران. ففرضت حصارات محكمة تسببت بوفاة العشرات جوعاً بينما حصدت الغارات الجوية المكثفة حياة الآلاف. وانتهت المعارك في مناطق عدة بتسويات نصّت على خروج المقاتلين إلى مناطق أخرى أو بقائهم في مناطقهم بعد تسليم سلاحهم.وتقول الباحثة لدى منظمة العفو الدولية ديانا سمعان، إن اتفاقات التسوية تضمّنت وعوداً بينها «وقف الاعتقالات التعسفية، لكنّ الحكومة لم تلتزم بكل بنودها، سواء في حمص أو درعا أو ريف دمشق، وواصلت اعتقال أشخاص تعسفياً حتى ... بعد حصولهم على بطاقات تسوية».وتضيف «الناس المقيمون في مناطق سيطرة الحكومة، خصوصاً حيث تمّ التوصل إلى مصالحات، ما زالوا مهدّدين بالاعتقال التعسفي والتعذيب والموت في الحجز».ويشرح الناشط عمر الحريري من مكتب «توثيق الشهداء في درعا»، أن «التسوية لا تشمل حماية من قضايا جنائية، لذلك تمّ اختراع ملفات جنائية لأشخاص كثر من أجل القبض عليهم، ورُفعت على آخرين شكاوى عشوائية كإشكال مثلاً مع شخص ما».ومنذ بدء النزاع عام 2011، دخل نصف مليون شخص إلى سجون النظام، قضى مئة ألف منهم على الأقل تحت التعذيب أو نتيجة ظروف اعتقال مروعة، وفق المرصد السوري.وتتمكن المنظمات الحقوقية في درعا من توثيق الاعتقالات، على عكس ما هي الحال في مناطق أخرى استعادتها دمشق، إذ بقي معظم المقاتلين المعارضين في درعا، ونصّ اتفاق التسوية الذي وقعوه برعاية روسية على أن يحتفظوا بأسلحة خفيفة ويتولوا حفظ الأمن في مناطقهم، فيما تنتشر قوات النظام في محيطها.على صعيد آخر، وغداة مطالبة روسية وإيرانية للقوات الأميركية بالانسحاب من سورية، أفادت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» بأن الجيش الأميركي أنشأ قاعدة عسكرية جديدة له في منطقة اليعربية بريف الحسكة، تضم مطاراً عسكرياً.في السياق نفسه، قامت القوات الأميركية، أمس، باعتراض دورية للشرطة الروسية في محيط مدينة المالكية ومنعتها من التوجه نحو معبر سيمالكا عند الحدود العراقية.سياسياً، أبلغت روسيا شركاءها في مجلس الأمن أنّها لم تعد تريد سوى نقطة دخول حدودية واحدة فقط للمساعدات الإنسانية التي تقدّمها الأمم المتحدة للسكان في شمال غرب سورية، ولمدة ستة أشهر حصراً، بحسب مصادر دبلوماسية.في غضون ذلك، تناقلت وسائل إعلام سورية ورواد وسائل التواصل الاجتماعي مشاهد مفزعة تظهر انخفاضاً قياسياً في منسوب نهر الفرات تصل إلى حد الجفاف نتيجة قيام تركيا ببناء سدود بينها «اليسو» العملاق.وحذرت إدارة سد تشرين من استمرار حبس تركيا لمياه نهر الفرات داخل أراضيها، ما يعكس سلباً على اقتصاد المجتمع والأمن الغذائي العام، وتوفير مياه الشرب للمواطن.
دوليات
سورية: «اتفاقات المصالحة» لا تحمي مقاتلي المعارضة السابقين
03-07-2020