الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يجري تحولاً سياسياً في آخر عامين من ولايته
عين رئيس وزراء جديداً غير معروف شعبياً
انفصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن رئيس وزرائه إدوار فيليب، الذي يحظى بشعبية، لبدء تحول سياسي في نهاية فترة ولايته الممتدة 5 سنوات، تنتهي مع الانتخابات الرئاسية المقررة في 2022، بينما تلوح بوادر صعوبات على الجبهتين الاقتصادية والاجتماعية.وبعد ساعات قليلة من استقالة حكومة فيليب، عُين جان كاستيكس (55) عاما بديلا عنه، وهو موظف حكومي رفيع المستوى ورئيس بلدية بلدة صغيرة، لكنه ليس شخصية سياسية من الصف الأول، وهو غير معروف للجمهور الواسع.وينوي كاستيكس تشكيل حكومة «في أسرع وقت ممكن»، لتطبيق خطة إنعاش في مواجهة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية.
وقال كاستيكس، الذي شغل منصب نائب الأمين العام للإليزيه في عهد الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، الذي حكم بين عامي 2007 و2012، إن «فلسفة هذه الحكومة هي العملانية، أي التحرك والعمل بسرعة في أوضاع الأزمة». وأضاف رئيس الحكومة، المؤيد لتخفيف قيود كورونا، انه سيفعل «ما بوسعه» لتشكيل حكومته قبل الغد، ويقدم بيانه السياسي «منتصف الأسبوع المقبل» إلى البرلمان، الذي باتت أعماله مرتبطة بالفريق الحكومي الجديد.وتقول مصادر في محيط ماكرون إن «التعديل الحكومي سيكون واسعا، وسيضم مواهب جديدة وشخصيات من كل الأطياف».ويمنح اختيار رجل «تقني» ليشغل رئاسة الحكومة، رئيس الدولة حرية التحرك بعد 3 سنوات من التفاهم الودي مع فيليب، الذي باتت مكانته تترسخ في الاستراتيجية الحكومية ولدى الرأي العام، وبدأت خلافات بينهما خصوصا حول إصلاح أنظمة التقاعد.وحول طريقة عمله، أكد رئيس الوزراء الجديد «لست هنا لأكون تحت الأضواء بل لتحقيق نتائج»، مضيفا: «سأفتح مشاورات (...) مع الأمة، والشركاء الاجتماعيين ومع كل الجهات الفاعلة لإشراك أكبر عدد ممكن في البحث عن حلول ووضع عقد اجتماعي جديد».وأردف: «عندما نواجه أزمة، يجب الاستمرار في دعم الاقتصاد، لكن يجب القيام بخيارات مفيدة، خيارات موجهة، أي خيارات تسمح بإعادة البناء والكسب من السيادة الاقتصادية، ان يكون لدينا اقتصاد يحترم البيئة، اي اتخاذ إجراءات عاجلة وإجراءات بنيوية: هذا هو محور خطة الانعاش التي نعدها».وبعد الانتخابات البلدية التي شهدت صعودا كبيرا لدعاة حماية البيئة، أكد كاستيكس أن البيئة «لم تعد خيارا». وبالنسبة إلى أنصاره، فإن كاستيكس إداري مثير للإعجاب، وسيتقن سريعا مهام رئيس الحكومة وإدارة العلاقات مع ماكرون، الذي يرأس نظاما رئاسيا يمثل فيه رئيس الحكومة الرجل الثاني.وانتقد زعماء المعارضة اختياره باعتباره خيار الرئيس الذي يريد أن يمسك بكل الأوراق لمتابعة سياسته دون تغيير والاستعداد للانتخابات الرئاسية دون أن يعوقه رئيس وزراء يطغى عليه.وندد رئيس «حزب الجمهوريين» كريستيان جاكوب بهذا الخيار قائلا: «يمكننا أن ننتظر منعطفا سياسيا، لكنه سيكون تكنوقراطيا، مع اختيار شخص متحفظ لإدارة الشؤون اليومية».أما زعيم تكتل اليسار الجديد في البرلمان أوليفييه فور فقد رأى، أمس، أنه «تم تبديل رجل يميني بآخر أكثر يمينية».من جهته، رأى فرانك لوفييه، المستشار السابق لساركوزي، أن «فرنسا في اليمين بعد الانتخابات البلدية، لذلك اختار رئيس الجمهورية رئيس وزراء يمينيا».كما رأى زعيم «أوروبا بيئة الخضر» جوليان بايو أن ماكرون «يختار زملاءه من العالم القديم»، مستبعدا دخول الحركة إلى الحكومة، مضيفا: «هدفنا هو استبدال ماكرون لا أن نصبح عكازا له».وأوضح قصر الإليزيه أن الحكومة الجديدة «ستنفذ المرحلة الجديدة من الفترة الرئاسية، وهي مشروع إعادة البنية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والمحلية».وستكون الحكومة التالية مسؤولة عن تنفيذ «المسار الجديد» الذي بدأ ماكرون في التخطيط له مع إعطاء الأولوية للسياسة الصحية والشيخوخة وخطة للشباب.وبعد 3 سنوات في السلطة نفذت خلالها إصلاحات مثيرة للجدل مثل الإصلاحات المرتبطة بمسألة البطالة، وتخللتها أزمات مختلفة مثل تظاهرات السترات الصفر وأزمة «كوفيد 19»، قال ماكرون أمس الأول، أمام وسائل إعلام محلية، «لدي حصتي من سوء التصرف. في بعض الأحيان أعطيت الأولوية لرغبتي في إجراء إصلاحات على مصلحة المواطنين».لكنه في الوقت نفسه، أكد أن «المسار الذي شرعت فيه عام 2017 لا يزال صحيحا».