الهند تكشف للعالم طريقة استعمال «سيادة الفضاء الإلكتروني» ضد الصين
أعلنت الحكومة الهندية يوم الاثنين الماضي قرارها بمنع استخدام 59 تطبيقاً خليوياً صينياً داخل حدودها، وفي بيان صادر عن وزارة الإلكترونيات وتكنولوجيا المعلومات، تتهم السلطات الحاكمة في الهند تلك التطبيقات الصينية، بما في ذلك TikTok وWeChat وWeibo، باستخراج بيانات المستخدمين ونقلها إلى الخوادم خارج البلد.لم تحبذ الحكومة الصينية هذا الحظر على التطبيقات الخليوية، فعبّرت وزارة الشؤون الخارجية الصينية عن قلقها من تلك القرارات ودعت الهند إلى «حماية الحقوق الشرعية للمستثمرين الدوليين»، وغالباً ما تتعرض التطبيقات والتكنولوجيا الصينية للانتقاد والتدقيق بسبب انتشار المخاوف حول أمن البيانات والخصوصية، لكن استعملت الهند بدورها فكرة حماية سيادتها الوطنية، ونادراً ما تستخدم البلدان الديمقراطية مصطلح «سيادة الفضاء الإلكتروني»، لكن من المألوف أن تستغل الأنظمة الاستبدادية، مثل الصين وروسيا، هذه الفكرة لتبرير سيطرتها على الفضاء الإلكتروني وإقرار تشريعات لتوسيع هامش الرقابة على الإنترنت.بدأ مفهوم سيادة الفضاء الإلكتروني يزداد أهمية في السياسة الدولية في عام 2015، حين ألقى الرئيس الصيني شي جين بينغ خطاباً دعا فيه جميع البلدان إلى احترام هذه السيادة، وكان يعني احترام خيارات الدول بتطوير شبكة إنترنت خاصة بها والسيطرة عليها، فوفق الصيغة الصينية، يجب ألا تتدخّل البلدان في شؤون بلدان أخرى أو تُهدد أمنها الإلكتروني، ويجب ألا يحاول أي بلد الهيمنة على عالم الإنترنت. لكن من الواضح أن رسالة الحكومة الصينية لا تتماشى مع سياساتها الراهنة واعتداءاتها المستمرة في الفضاء الإلكتروني الدولي، إذ تحظر الصين المواقع الإلكترونية والتطبيقات الخليوية الأميركية في فضائها الإلكتروني وتحتج في الوقت نفسه على تدابير مماثلة تفرضها الهند ضد التطبيقات الصينية.
كان دور منتجات الشركات الصينية، على غرار Bytedance وTencent، مؤثراً جداً في نتائج الانتخابات ونقاشات السياسات العامة في الديمقراطيات الليبرالية، لكن على عكس منصات بارزة أخرى على مواقع التواصل الاجتماعي، لا تواجه المنصات الصينية المستوى نفسه من التدقيق والتنظيمات للحفاظ على نزاهة الانتخابات، وبغض النظر عن نوايا تلك الشركات، من الواضح أنها أصبحت أحدث أدوات تستعملها الدولة الصينية لمتابعة فرض رقابتها بما يتجاوز حدودها الخاصة، حتى أن النظام يحاول بهذه الطريقة تغيير الخطابات المرتبطة بمسائل مثل قانون تسليم المجرمين في هونغ كونغ ومعسكرات إعادة التأهيل المعروفة بسمعتها السيئة في «شينغيانغ». والحفاظ على سيادة الفضاء الإلكتروني لا يعني الحد من الحقوق الدستورية الأساسية، على غرار حرية التعبير والتجمع، لكن من خلال اعتبار الفضاء الإلكتروني المحلي جزءاً من السيادة الوطنية، تستطيع الدول أن تحمي تلك الحقوق من اعتداءات بلدان مثل الصين، ويجب أن تتحمّل مواقع التواصل الاجتماعي التي تنشط داخل البلدان الديمقراطية مسؤولية حماية الحقوق الدستورية للمواطنين في تلك البلدان، بغض النظر عن منشأ التطبيقات أو فروع الشركة الأم، وحان الوقت كي تعترف جميع الدول بضرورة حماية سيادتها ضد الاعتداءات.* شونسي جونغ* «دبلومات»