كشفت الاضطرابات، التي تلت مقتل المغني الشعبي الإثيوبي هاشالو هونديسا، الاثنين الماضي، والتي ارتفعت حصيلة ضحاياها الى 166 قتيلاً، عمق الانقسامات في المجتمع الإثيوبي، وسلّطت الأضواء على التوتر العرقي الكامن في البلاد.ولم يكن تحوّل مقتل هاشالو، الذي لم تتضح حيثيّاته بعد، إلى قضية سياسية بارزة مفاجئا، إذ إن أغانيه ذات الإيقاع السريع مليئة بالإيحاءات السياسية، مع اعتباره صوت المهمّشين من أفراد قومية «أورومو»، التي ينتمي إليها وتعد الأكبر في إثيوبيا.
واستخدمت موسيقاه في التظاهرات المناهضة للحكومة، التي أوصلت رئيس الوزراء أبي أحمد، أول زعيم للبلاد من أورومو، إلى السلطة في 2018.لكن في وقت تستعد إثيوبيا لانتخابات ستشكّل اختبارا لانتقالها إلى الديمقراطية، في عهد أبي، يشعر العديد من القوميين المنتمين لأورومو بأنهم خدعوا، مشيرين إلى أن رئيس الوزراء فشل في الدفاع عن مصالحهم.ويحمّل سياسيون من المعارضة عناصر الأمن، الذين أطلقوا النار على متظاهرين في مناطق عدة في أديس أبابا ومنطقة أوروميا المحيطة بها، مسؤولية قتل العديد من المحتجين.ومحور أزمة الأسبوع الجاري هو مطالبة قومية أورومو التاريخية بأديس أبابا، التي يطلق عليها العديد من القوميين من اورومو تسمية «فينفين»، الاسم الذي كانت تعرف به المنطقة قبل تأسيس الإمبراطور منليك الثاني العاصمة أواخر القرن التاسع عشر.وشكّل الكشف عن مخطط كبير عام 2015 لتوسيع أديس أبابا لتشمل أوروميا محرّك الاحتجاجات، التي أوصلت أبي إلى السلطة. وأثار موقع دفن هاشالو خلافات، إذ أشار البعض إلى وجوب دفنه في أديس أبابا بدلا من بلدته أمبو الى الغرب، التي أصر مسؤولون حكوميون وبعض أقاربه على دفنه فيها، ما تسبب بخلاف بدا غير لائق على مصير جثمانه. وأفاد المسؤول في الشرطة الفدرالية إندشاو تاسيو أن مجموعة من القوميين المنتمين لأورومو، بينهم السياسي المعارض البارز جاوار محمد، اعترضوا طريق الجثمان أثناء نقله إلى أمبو الثلاثاء، واصطدموا مع عناصر الأمن.وقُتل شرطي وتم توقيف جاوار، ما زاد من حدة التوتر في أوروميا. وبعد يومين، تخللت أعمال عنف جنازته في أمبو عندما فتح جنود النار على حشود المعزّين في محاولة للسيطرة على الوضع.وأصيب تسعة أشخاص على الأقل، لقي اثنان منهم حتفهما، ما أثار مزيدا من الغضب في أوساط محبي هاشالو.ومن شأن الانقسامات التي كشفتها وفاة هاشالو ان تحدد المسار السياسي في إثيوبيا شهوراً عدة. ولا يزال جاوار في السجن إلى جانب سياسي بارز آخر من أورومو هو بيكيلي جيربا. وكما أوضح هاشالو في واحدة من آخر مقابلاته، فإن جذور التهميش الذي يعاني منه أفراد أورومو تمتد أبعد من الأحداث الأخيرة. والشهر الماضي، دعا المغني إلى إزالة تمثال الإمبراطور منليك الثاني من حي بياسا في العاصمة.وبينما ينظر كثيرون باحترام إلى منليك، باعتباره مؤسس إثيوبيا الحديثة، إلا أنه يعد بالنسبة للقوميين من أورومو تجسيداً لنظام قائم على التهميش.وخلال احتجاجات الأسبوع الجاري، تقدّم حشد باتّجاه التمثال، فيما بدا محاولة لاسقاطه، تحقيقا لرغبة هاشالو، لكن قوات الأمن تصدّت لهم. ويتمركز عناصر شرطة العاصمة حول التمثال مذاك.وأمس الأول، أعلنت الشرطة الإثيوبية عن مقتل 166 شخصاً خلال الاحتجاجات. وقالت نائبة مفوض الشرطة في منطقة أوروميا، جيرما جيلام، في بيان: «في أعقاب وفاة هاشالو، قتل 145 مدنيا و11 عنصرا من قوات الأمن في الاضطرابات في المنطقة»، بالإضافة إلى 8 مدنيين واثنين من عناصر الشرطة قتلوا في أديس أبابا، في وقت سابق، بحسب بيان منفصل صادر عن شرطة العاصمة.وقالت جيرما إن «167 آخرين أصيبوا بجروح خطيرة»، مضيفة أنه «تم اعتقال 1084 شخصا خلال الاحتجاجات».
مصر
وأدان رئيس الوزراء الأثيوبي أبي أحمد عملية القتل، التي وصفها بالمأساة، كما تعهد بتقديم الجناة إلى العدالة، كما اتهم جهات أجنبية ومحلية بالسعي لزعزعة استقرار بلاده وبث الفرقة بين أطياف الشعب، وفقا لوكالة «أسوشيتد برس».ونقلت وسائل إعلام عن أحمد القول إن جريمة اغتيال المغني «شاركت فيها قوى خارجية ونفذتها قوة محلية والهدف من ذلك منعنا من استكمال سد النهضة. ولكن ما يريده الأعداء وما يخططون له لن يتحقق».وأكد القنصل العام المصري بالسودان أحمد عدلي إمام أنه لا علاقة للقاهرة بالتوترات الأمنية في دولة إثيوبيا.ونقلت صحيفة «السوداني»، أمس، عن عدلي القول: «القاهرة لا علاقة لها بالتوترات الأمنية داخل دولة إثيوبيا، وعلى إثيوبيا أن تتحمل مسؤوليتها تجاه قضاياها الداخلية، وألا تعلق الأزمات على شماعات خارجية».وفي تصريحاته، نفى الدبلوماسي ما تردد من معلومات عن سعي مصر لإقامة قاعدة عسكرية بدولة جنوب السودان.