حدث في مجالات الفلسفة، والفكر، والأدب، بل والسياسة، أن تلمع - على امتداد التاريخ – أسماء لرموز حدث عليها إجماع من الناس، لطُهرها ونجابتها وإبداعها.. وأسألكم بالله: هل هناك في طول الكويت وعرضها وفي معظم عقود سنوات القرن الماضي مَنْ لا يُعجَب ولا يُقدِّر ولا يحترم ولا يحب صالح العجيري؟!***
• وكم ازددتُ إعجاباً بهذا الرجل، بعد أن أنهيت قراءة مجلد "عابر المجرات... عميد علم الفلَك"، الذي أصدرته عنه دار سعاد الصباح للنشر، تكريماً لمسيرته الطويلة، حيث تناول خصاله وسجاياه كوكبة من الكُتّاب... فكان المقال الأول للدكتور يعقوب الغنيم، فوصف العجيري بأنه "عَلَم من أعلام الكويت"، والمقال الأخير كان لإسماعيل فهد إسماعيل، الذي عنونه "شيء من حضور الضمير الجمعي".***• لقد تعايشت مع كل الأقلام التي أشادت بمسيرة العجيري، وتناولت جوانبه المتعددة، مما جعلني غير قادرٍ على إضافة شيء إلى ما قالوه، رغم أن لي معه علاقة امتدت إلى أكثر من نصف قرن، وفيها الكثير من الذكريات والمواقف الطريفة:إلا أن اللغة الشاعرية التي عنونتها د. سعاد الصباح لمقالها: "العجيري... روزنامة عُمر"، استوقفتني، لأنها وصفت أثر العجيري على حياتها... فهو بشارة كل عيد، ومباركة كل رمضان، وإطلالة كل ربيع... ثم تتساءل: من أيّ الأبواب أدخل إلى عالَم العجيري؟ وتجيب: "عندما تضع التقارير الإخبارية التي تتناول الكويت صور البحر، الأبراج، مجلس الأمة، قصر السيف، برج الاتصالات... كمعالم عن الكويت، وتغفل أن تضع صورة هذا الرجل النادر كمَعلمٍ مهم من معالم الكويت، تتمثل فيه وجهة كويت الماضي، وبصورته كويت الأحرار، وبحضوره طيبة أرض الكويت، وبساطة أهلها وتآلف قلوبهم، وإن لم تفعل التقارير الإخبارية ذلك، فإنّ تقارير التاريخ حتماً ستضع د. صالح العجيري في قائمة مَنْ صنعوا تاريخ الكويت الرائع... والناصع".***• عندما كان الكويتيون يختارون إما البر أو البحر لكسب الرزق، اختار د. صالح جهة ثالثة، وهي السماء، فكأن العجيري، الذي شكَّلته طينة الكويت، كان للسماء أيضاً دور في تشكيل قلبه، فتميَّز بما يميِّز العلماء من نقاء فطري، وطهارة نفس، وروح مُحِبَّة للجميع، زاد على ذلك جمال حديثه، وفكاهة فكرته، وحضور بديهته... وتختتم د. سعاد قولها: "وما هذا التكريم إلا محاولة للتعبير عن الامتنان تجاه رجل كان دوماً ضيفاً على كل بيت".***• أما الحديث عن عصاميته، فإنّ العجيري حطَّم تلك المعادلة العلمية التي تتخذ من المؤهلات العليا مقياساً لاحتراف علم الفلك، وأثبت في أكثر من مناسبة أنه مصدر مهم في هذا العلم... فكما وصفته د. سعاد، ظهر كشجرة مقدَّسة بلا مقومات واضحة لحياة علمية كبيرة في زمنه... فلم يحصل على شهادة من جامعة، فعلَّم نفسه بنفسه؛ قرأ وبحث وسافر وتكبَّد المشقة في سبيل المعرفة.• أدعو الله صادقاً أن نحتفل بالعيد الواحد بعد المئة من عُمر هذا الرمز الجميل كجمال الكويت.
أخر كلام
ما أجمل هذا الإجماع على حُبّ العجيري!
07-07-2020