بعد أيام على نشر "الجريدة" تقريرا موسعا عن وقوف إسرائيل وراء الحادثين اللذين استهدفا موقع نطنز النووي الإيراني وموقع بارشين العسكري، الذي يشتبه في استضافته أنشطة نووية، أكدت وكالات أنباء عالمية ووسائل إعلام غربية، نقلا عن مصادر إيرانية وأخرى شرق أوسطية، ضلوع تل أبيب أقله في "نطنز"، وهو الموقع الأساسي لتخصيب اليورانيوم في إيران. وبعد أن نقلت وكالة رويترز عن 3 مسؤولين إيرانيين، قولهم إن الهجوم على نطنز في محافظة أصفهان، وسط البلاد، عبارة عن غارة سيبرانية، وعن مصدرين ترجيحهما وقوف إسرائيل وراءه، أشارت صحيفة "نيويورك تايمز"، في عددها الصادر أمس، الى أن "إسرائيل مسؤولة عن الهجوم"، وذلك على لسان مسؤول استخبارات شرق أوسطي متابع للملف.
وتتزايد المؤشرات على ضلوع تل أبيب في الحادث، والتي يبدو أن هدفها هو عرقلة وتأخير البرنامج النووي الإيراني، في وقت تتحرر طهران تدريجيا من القيود التي فرضت وفق الاتفاق النووي، بسبب خروج واشنطن من الاتفاق، وعدم قدرة الدول الأوروبية، الموقعة على الاتفاق، على الالتزام لكل مندرجاته في ضوء الموقف الأميركي.وأمس الأول أجاب وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس على سؤال بأن "إسرائيل لا تقف بالضرورة وراء كل حادث غامض يحدث في إيران"، من دون أن ينفي تورط بلاده، لكن وزير الخارجية غابي اشكنازي قال ردا على السؤال نفسه: "لن نسمح بأن تطور إيران سلاحاً نووياً. ونقطة على السطر. نتخذ إجراءات من أجل ذلك ليس من الجيد الحديث عنها". وكان المبعوث الأميركي الخاص بإيران برايان هوك قال خلال زيارته لإسرائيل، قبل أيام، إن واشنطن لا تستبعد استخدام القوة العسكرية أو أي اجراء اذا كان ذلك ضرورياً لمنع ايران من حيازة سلاح نووي. وتختلف التقديرات الأميركية والإسرائيلية حول السرعة التي تحتاجها طهران لإنتاج قنبلة نووية. في السياق، حذرت الخارجية الروسية امس من القفز إلى استنتاجات مستعجلة بشأن أسباب الحادث الذي وقع مؤخرا في منشأة نطنز.وأشار نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين إلى أن مثل هذه القضايا تتطلب بحثا جديا ومفصلا جدا، متابعا: "أعتقد أن آخر ما يجب فعله هو القفز إلى تكهنات لأن المسألة خطيرة جدا".وجاءت تصريحات الدبلوماسي الروسي تعليقا على التقارير عن وقوف إسرائيل وراء الحادث.
لا قنبلة
ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن عضو في الحرس الثوري، ان الحادثة جرت "باستخدام مواد متفجرة داخل المبنى"، معتبراً أن "فرضية الاستهداف عبر صاروخ كروز أو طائرة من دون طيار مستبعدة"، مضيفا: "الغالبية في الحرس الثوري يرون أن شخصا ما حمل قنبلة إلى المبنى"، لكنه أكد أن لا معلومات حتى الآن حول كيف ومتى تم إدخال هذه القنبلة.لكن مصدرا مطلعا في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أبلغ "الجريدة" أنه بالتأكيد لا يجري الحديث عن قنبلة تقليدية، مشيراً إلى أنه من شبه المستحيل إدخال قنبلة الى المكان نظرا للشروط الأمنية.وكانت «الجريدة» اشارت إلى أن هجوما سيبرانيا هو ما تسبب بالانفجار.15 ألف متر
وبحسب المصدر، فقد أدى الانفجار إلى احتراق 15 ألف متر مربع، وهو أمر لا يمكن أن تتسبب قنبلة تقليدية فيه. وأفاد بأنه الى جانب تضرر كميات كبيرة من غاز UF6 فإن عددا كبيرا من أجهزة الطرد المركزي الحديثة من الجيل الجديد احترقت، وكما قالت "الجريدة"، في خبرها السابق، فإن طهران فقدت 80 في المئة من قدرتها على التخصيب، وتحتاج الى ما بين 3 و6 أشهر لتعويض الأضرار. وكانت "الجريدة" نشرت تقديرات أولية تفيد بأن إيران تحتاج شهرين لتعويض ما تضرر.وأمس الأول، ذكرت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية "إرنا" ان حريقا في سقيفة صناعية بمنشأة نووية إيرانية قد خلف "أضرارا كبيرة". ووفقا لتقارير، فإن المستودع، الذي تم بناؤه قبل 7 أعوام في منشأة نطنز، هو المكان الذي سيتم فيه تطوير أجهزة الطرد المركزي في المستقبل. وقال المتحدث باسم منظمة الطاقة النووية الإيرانية بهروز كمالوندي، لوكالة إرنا بأن أجهزة عديدة تضررت أو دمرت بشكل كامل جراء الحريق.وكان كمالوندي تحدث في البداية عن أضرار محدودة بعد الحريق الخميس الماضي، حيث قال إنه لم يكن له أي تأثير على العمليات في المنشأة نفسها.كما قالت منظمة الطاقة النووية الإيرانية إنه لم تكن هناك مواد نووية في السقيفة الصناعية. وقالت القيادة الإيرانية إنها لا تريد الكشف عن مزيد من التفاصيل أو السبب الدقيق للحادث، لأسباب تتعلق بالسلامة.وأکد رئیس منظمة الطاقة الذریة الإيرانية، علي أکبر صالحي، أن "سیناریوهات مختلفة لحادث نطنز قید التحقیق وسنعلن النتائج المؤکدة قریبا".وقال المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسیاسة الخارجیة بالبرلمان الإيراني أبوالفضل عمویی إن "صالحي قدم إیضاحات في جلسة الأحد بشأن حادث نطنز ".ولم يستبعد رئيس منظمة الدفاع المدني الإيراني، غلام رضا جلالي، منذ اليوم الأول حدوث "عمل تخريبي من قبل مجموعات المعارضة أو هجوم سيبراني ضد المنشآت الإيرانية".حادث منفصل
ونقلت "نيوروك تايمز" عن المسؤول الاستخباري "الشرق أوسطي" ان "تل أبيب مسؤولة عن انفجار نطنز الأخير من خلال زرع قنبلة، لكن ليس لها أي علاقة بالحوادث الأخرى".لكن "الجريدة" كانت علمت من مصدر موثوق أن تل أبيب تقف وراء قصف بارشين، وهو مجمع عسكري هائل ينتج الصواريخ. وقال المصدر إن مقاتلات F35 الشبح شنت غارة على مجمع خوشير، وكان مراقبو الأمم المتحدة زاروا بارشين في 2015، بعد ظهور معلومات عن استخدامه لأغراض نووية، وجرت الزيارة بموافقة طهران، التي منحت أشهرا قبل السماح للوكالة الذرية بالدخول، الأمر الذي أبقى الشبهات حول الموقع. وبالفعل علمت "الجريدة" أن الغارة، التي استهدفت الموقع، أصابت مخازن غاز UF6، وبحسب المصادر الإيرانية فإن شحنة من اليورانيوم المخصب كانت في الموقع لاستخدامها في صناعة رؤوس الصواريخ الخارقة للدروع، لكنها نجت من الانفجار، مضيفة أنه إذا أصيب فإن خطر تسرب الإشعاعات كان عاليا. وأكد مصدر من المجلس القومي الاعلى الإيراني، لـ"الجريدة"، أن هجومي بارشين ونطنز استهدفا غاز UF6 الضروري لتخصيب اليورانيوم، وان التفجير الذي وقع في مركز "سينا اطهر" الطبي شمال طهران تم عبر تفجير هاتف لأحد المهندسين العسكريين الذي يعمل في مجمع بارشين، بعد اختراقه بفيروس إلكتروني يبدو أنه جيل جديد من فيروس "ستاكس نت" الذي استخدم ضد طهران في 2010. واضاف انه على الأرجح هناك جهة واحدة تقف وراء هذه الحوداث الثلاثة على الأقل، مبينا أن بعض الاجهزة الايرانية الامنية تميل الى اتهام "مجاهدي خلق" بالوقوف وراء الهجوم.