هل أسقطت «غارة الوطية» الخطوط الحمراء في ليبيا؟
أنقرة تضع «قاعدة الجفرة» في مرمى الاستهداف... والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي يطلع على إجراءات الجيش
وضعت أنقرة قاعدة «الجفرة» الليبية الخاضعة لسيطرة المشير خليفة حفتر، التي عدتها القاهرة مع سرت خطاً أحمر لا يجوز تجاوزه، في مرمى الاستهداف بعد تعرضها لخسائر مادية نتيجة قصف جوي على قاعدة «الوطية» قرب طرابلس، في حين اتهمت حكومة «الوفاق» دولة خليجية بشن الغارات انطلاقاً من مصر.
في خطوة تهدد بالمزيد من خلط الأوراق وقد تمس "الخط الأحمر" الذي رسمته القاهرة للصراع على أرض جارتها الغربية، أعلن المكتب الإعلامي للرئاسة التركية أن قاعدة الجفرة الجوية الليبية هدف عسكري للقوات التركية، الداعمة لحكومة "الوفاق" بزعامة فايز السراج، والمتمركزة قرب العاصمة طرابلس.ونقلت قناة العربية عن المكتب الإعلامي للرئاسة التركية قوله، أمس، إن من أسباب أهمية "الجفرة"، التي تخضع لسيطرة قوات "الجيش الوطني الليبي" بقيادة المشير خليفة حفتر أنها مع مدينة سرت تعتبر مفتاحاً للسيطرة على الحقول النفطية الليبية الرئيسية.وجاء الإعلان التركي اللافت غداة قصف طيران مجهول لقاعدة "الوطية" الجوية، التي يعتقد أن أنقرة تسعى لتحويلها إلى قاعدة خاصة بها في غرب ليبيا.
إقرار واتهام
وليل الأحدـ الاثنين، أقر مسؤول في وزارة الدفاع التركية بقصف "الوطية" وبتعطل بعض الأنظمة فيها. وقال إن الخطوة تظهر "رغبة الجنرال الانقلابي حفتر وداعميه الأجانب، في مواصلة الفوضى بليبيا".واعتبر المسؤول في وزارة الدفاع، أن قصف القاعدة التي تعد الأهم بغرب بليبيا "سيعزز حالة عدم الاستقرار، وسيزيد من وتيرة الاشتباكات والفوضى".وأضاف المصدر أن القصف "لم يسفر عن خسائر بشرية، وإنما استهدف بعض التجهيزات الخاصة بالقاعدة التي تم جلبها مؤخراً لتعزيز القاعدة من ضمنها منظومة للدفاع الجوي".وأشار المصدر إلى أن القاعدة تتعرض لأول مرة للقصف، منذ أن "أحكمت قوات الجيش الليبي التابعة للوفاق السيطرة عليها في مايو الماضي".في موازاة ذلك، اتهمت حكومة "الوفاق" دولة عربية داعمة لحفتر بشن الضربات على "الوطية".وغرد المتحدث باسم قوات "عملية بركان الغضب التابعة لـ"الوفاق" عبدالملك المدني قائلاً، إن "الطائرات الأجنبية" التي أغارت على "الوطية" ليل السبت ـ الأحد تملكها دولة خليجية وانطلقت من قاعدة "البراني" المصرية.وتوعد المتحدث العسكري خصوم "الوفاق" برد وصفه بالقاسي جداً. في موازاة ذلك، اعتبر المتحدث باسم القوات التابعة لـ"الوفاق" العقيد طيار محمد قنونو أن قصف "الوطية" مناورة، مؤكداً أنها لن "تغير من استراتيجيتنا لبسط السيطرة على كامل التراب الليبي" في إشارة إلى مواصلة الاستعدادات لانتزاع سرت والجفرة من قوات حفتر.ويأتي ذلك في وقت تكثف أنقرة جهودها الدبلوماسية والعسكرية لدفع العملية العسكرية التي تسعى "الوفاق" من خلالها لاستعادة السيطرة على سرت والجفرة بوصفهما مفتاح للتحكم بجميع أرجاء ليبيا ومنطقة "الهلال النفطي التي تخرج منها 60 من صادرات البلاد.في سياق منفصل، أعلنت وزارة الداخلية التابعة لـ"الوفاق"، ضبط خلية تنتمي لتنظيم "داعش"الإرهابي في مدينة الزاوية غرب طرابلس أمس".مصر وحفتر
على الجهة المقابلة، ذكرت مصادر، أن قوات حفتر تعزز دفاعاتها في سرت والجفرة، لمواجهة أي محاولات لـ"الوفاق" للتقدم نحو المنطقتين، مشيرة إلى نصب منظومة دفاع جوي متطورة في محيط المنطقتين.وتحدث قوات "الجيش الوطني" عن انسحاب عناصر تركية من قاعدة "الوطية" بعد قصفها.وفي وقت سابق، اجتمع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مع رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، وعدد من قادة الجيش، من ضمنهم رئيس لجنة الأقمار الصناعية اللواء محمد البشاري، ورئيس لجنة المحمول العسكري اللواء عمرو فاروق، للاطلاع على خطط تأمين العمق الغربي لمصر، والحدود المشتركة مع ليبيا امتداداً للحدود الدولية.وصرح المتحدث باسم الرئاسة المصرية بسام راضي، بأن السيسي اطلع خلال الاجتماع على خطط وجهود سلاح الإشارة بالقوات المسلحة لتأمين العمق الغربي لمصر والحدود المشتركة مع ليبيا، فضلاً عن جميع الاتجاهات الاستراتيجية للحدود المصرية، وتأمين أوضاع المنافذ الحدودية وتأمينها بالكامل، بالتعاون والتنسيق مع الجهات المختصة باستخدام تكنولوجيا أنظمة الاتصالات الحديثة المحمولة والمرئية والقمر الصناعي المصري "طيبة 1".تعليق أميركي
في السياق، قال السفير الأميركي لدى القاهرة، جوناثان كوهين، إن بقاء مصر قوية وآمنة ومستقرة يصب في مصلحة بلاده، "لذلك نعمل على رفع قدراتها في مكافحة الإرهاب وأمن الحدود، وتطوير قدراتها الدفاعية والاقتصادية".وبسؤاله عن دعم واشنطن لإعلان السيسي بشأن التدخل العسكري إذا تمت السيطرة على سرت من قوات خارجية، قال كوهين، إن كل ما يستطيع قوله إن "الولايات المتحدة تقدر الأمن المصري وترفض التدخل في ليبيا".وتابع كوهين أن "مصر لا تمثل فقط الشرق الأوسط بل هي مرتبطة أيضاً بإفريقيا كاملة"، مضيفاً أن "الولايات المتحدة تعارض جميع أنواع التدخلات الأجنبية في ليبيا وتدعو إلى اللجوء للمفاوضات تحت رعاية حلف شمال الاطلسي الناتو للتوصل إلى حل".عمى استراتيجي
وفي وقت يتداخل الصراع على الساحة الليبية مع الصراع الدائر حول ثروات شرق البحر المتوسط، دافع أحمد داود أوغلو رئيس وزراء تركيا الأسبق ورئيس حزب "المستقبل" المعارض لسياسة الرئيس رجب طيب إردوغان عن دعم بلاده لـ"الوفاق" ورفض الانتقادات المصرية والفرنسية لأنقرة.ووصف داوود أوغلو في كلمة مصورة، ما أسماها "تهديدات الرئيس المصري ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ضد تركيا بسبب سياساتها في شرقي المتوسط وليبيا، ورأى أنها تعكس "عمى استراتيجياً" لأنه لا يمكن إقامة نظام بالمنطقة يتجاهل تركيا.
سفير واشنطن يحجم عن دعم تدخل مصري محتمل في ليبيا