مستقبل العلاقات الخارجية بعد انقشاع الأزمة
![د. أحمد ناصر المحمد الصباح](https://www.aljarida.com/uploads/authors/1000_1667155162.jpg)
وفي هذا الصدد، وفيما يخص الشأن الخارجي، هناك عدد من النقاط التي أرغب في إيجازها بما يلي:أولاً: بناء على التوجيهات السامية لسيدي حضرة صاحب السمو، حفظه الله ورعاه، فإن وزارة الخارجية وبعثاتها في الخارج والمكاتب الفنية الملحقة بها والمتطوعين وجميع القطاعات في الدولة المعنية بعودة المواطنين في الخارج، قد تمكنت من إعادة مواطنينا في زمن قياسي وفق اشتراطات السلطات الصحية حفاظاً على منظومتنا الصحية بالرغم من الصعوبات والتحديات المختلفة، من إغلاق تام للدول، وزيادة تفشي الوباء، وندرة خطوط الطيران، إلخ... كذلك استمرت الوزارة في أعمالها وسط أصعب الظروف، ولاسيما في الدول التي تفشى بها الوباء، وكانت اتصالاتها الدولية موجهة، بالتنسيق مع القطاعات الأخرى في الدولة، إلى تعزيز أمننا الصحي والدوائي والغذائي. وقد زاد تغيير أولويات التعامل مع الدول رصيد الخبرات المشتركة في إدارة الأزمات، لكن هذا الأمر يدعو كذلك إلى المزيد من التدريب والتطوير لرفع الكفاءة والمهارة باعتبار أن العنصر البشري هو الحاسم والدائم في أي مؤسسة ومنها وزارة الخارجية. ثانياً: على المستوى الخليجي، وانطلاقاً من كلمات سمو الأمير وتوجيهاته، فإننا نرى أن مستقبل الكويت يكون بالتعاون مع أشقائها في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، باعتباره خياراً استراتيجياً لنا، يزيده عمقاً تشابه البنى الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، ويعززه بقوة مبدأ وحدة المصير الخليجي لمواجهة التحديات، وهو ما دفعنا إلى تقديم مقترح بشكل عاجل يقضي بإنشاء شبكة أمن غذائي متكاملة بهدف تحقيق الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الست، إذ يشكل هذا الملف تحدياً حقيقياً بسبب اعتمادنا بنسبة 95 في المئة على استيراد احتياجاتنا الغذائية من الخارج، إلى جانب الحاجة الملحة إلى تطوير وتفعيل قرارات مجلس الصحة لدول مجلس التعاون، فانخفاض الواردات واضطراب التجارة العالمية يدفعاننا للتفكير جدياً في إنشاء شبكة مشتركة للإمدادات الصحية، وذلك في ظل تفاقم نقص الإمدادات الطبية والسلع المتعلقة بها، وإذا كان صاحب السمو الأمير، حفظه الله ورعاه، أشار في كلمته إلى التراجع الحاد في أسعار النفط، والذي سيؤثر على الملاءة المالية للدولة، فإن هذه الحالة تشترك فيها جميع دول المجلس، ومعالجتها ضمن مجموعة خليجية متعاونة حتماً ستتيح حلولاً أفضل وفرصاً أكثر.ثالثاً: على الصعيدين الإقليمي والدولي، وكذلك وفق ما ذكره سيدي حضرة صاحب السمو أمير البلاد فإن «عالم الغد بعد كورونا، لن يكون مثلما كان عليه قبل الوباء»، فقد عززت هذه الجائحة أهمية وفاعلية الهيئات والمنظمات الدولية، ودورها المحوري في حفظ الأمن والسلم الدوليين وصيانة الاستقرار العالمي، وتأمين صحة وسلامة البشرية.وفي ضوء كل ما سبق، بينت هذه الأزمة للجميع مدى الترابط العالمي ووحدة المصير الكوني، وأنه لا دولة محصنة من تداعيات الجائحة، ولا دولة بمفردها يمكنها التغلب عليها، وهنا نجدد الدعوة إلى أهمية تكاتف المجتمع الدولي وتضافره، فهذا هو السبيل الأنجع لمواجهة هذه الأزمة وغيرها من الأزمات المستقبلية.حفظ الله الكويت في ظل أميرها وولي عهدها من كل مكروه.* د. أحمد ناصر المحمد الصباح وزير الخارجية الكويتية