الغزو التركي لليبيا
تحت أي مسمى تخوض تركيا الحرب ضد الشعب الليبي؟ تدّعي أنها جاءت بناء على طلب من حكومة الوفاق المعترف بها دوليا، وهي تعلم أن هذه الحكومة قد فقدت شرعيتها بعد أن سحب منها البرلمان الليبي المنتخب من الشعب الليبي غطاء الشرعية وأصبحت لا تمثل إلا نفسها، الشعب الليبي منقسم على نفسه، هناك حكومة السراج والجماعات الإرهابية المدعومة من تلك الحكومة وجماعة الإخوان التي كانت قبل التدخل التركي لا تسيطر إلا على أقل من 20% من مساحة الأراضي الليبية بما فيها طرابلس العاصمة، وهناك الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير حفتر والقبائل الليبية المؤيدة له ضد مشروع الإخوان والجماعات الإرهابية المدعومة من حكومة السراج، وكانت تسيطر على أكثر من 80% من الأراضي الليبية، ومؤيدة من غالبية البرلمان الليبي، ونظرا لهذا الانقسام حظرت الأمم المتحدة تصدير السلاح إلى ليبيا ومناصرة أي طرف على آخر حتى تتمكن المنظمة الدولية من وضع حد لهذا الصراع. كان من المفروض أن تكون حكومة الوفاق حكومة لكل الليبيين وذلك بحسب ما نص عليه اتفاق الصخيرات، إلا أن فايز السراج وحكومته التي كانت موجودة في جزء من العاصمة طرابلس، وكان الجيش الوطني موجودا في أجزاء من العاصمة، وكان يريد أن يطهرها من الجماعات الدينية المتطرفة، لم تدخل إلى قلب المدينة امتثالا لتفاهمات دولية.
وسيطر المتطرفون على طرابلس إثر الفوز الساحق لليبراليين في الانتخابات التي أجريت في يوليو 2012، ورفض الإسلاميون الاعتراف بنتائج ذلك الفوز خصوصا أن الإخوان كانوا من يحكم مصر في تلك الفترة وهم مؤيدون من أوباما، منذ ذلك التاريخ بدأ الانقسام في ليبيا، ولمعالجة ذلك الانقسام عقدت اجتماعات في مدينة الصخيرات المغربية تحت رعاية دولية، ونجم عن تلك اللقاءات اتفاق الصخيرات الذي تم توقيعه في ديسمبر 2015، وتم بموجب ذلك الاتفاق تشكيل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق. وتم اختيار فايز السراج لرئاسة حكومة الوفاق بالرغم من أنه لم يكن من قوائم البرلمان ولا قوائم المؤتمر الوطني، وقيل أثناء التفاوض إن هذا المجلس سيكون لمدة عام ليهيئ الوضع لانتخابات رئاسية وبرلمانية عاجلة، إلا أنه استمر أكثر من خمس سنوات وسيطر عليه الإسلاميون، وكما يصفها الليبيون حكومة وصاية وانتداب استعماري، وكما قال عنها الرئيس التونسي، السلطة القائمة في طرابلس تقوم على شرعية دولية، فهي شرعية مؤقتة، يجب أن تحل محلها شرعية جديدة تنبع من إرادة الشعب الليبي. وبدأ التدخل التركي لمد المتطرفين بالأسلحة والعتاد منذ 2013، وتم ضبط كثير منها من قبل السلطات اليونانية والمصرية والجيش الليبي، ولكن الغزو التركي اليوم لم يعد مخفيا ولا مختبئا بل هو علني جوا وبحرا ، حيث تم نقل آلاف المرتزقة والإرهابيين من سورية وتركيا بطائرات تركية على مرأى ومسمع من العالم، وجاء الغزو التركي لليبيا ليذكر الليبيين بزمن الاستعمار التركي البغيض المكروه من الليبيين وجميع العرب.ولا غرابة أن يتعاون الإخوان مع الغزاة الأتراك، فالجماعة منذ نشأتها وهي جماعة مشبوهة، ولا تؤمن بالولاء للوطن وكما قال مؤسسهم الأول، الوطن حفنة من تراب، وهذا رأي مرشدهم بالوطنية، كما يكرهون الجيش الوطني الذي يدافع عن الوطن ويسعون إلى تدميره لتأسيس قوة موالية للجماعة على غرار الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، فولاؤهما للمرشد وليس للدولة، والجماعة يرددون قول المرشد وقادتهم أكثر من اهتمامهم بالنبي وأصحابه، ولسنا بصدد سرد تاريخ الجماعة ومساوئها فقد نخصص له مقالات أخرى، ولكن أردنا أن نشير فقط إلى موقفهم المعيب المؤيد للغزاة.