نواعير حماة... روح المدينة التي تدور
يجهد محمد سلطان في ترميم أكبر نواعير مدينة حماة- وسط سورية، محاولاً ورفاقه، وهم آخر عمال الصيانة المتخصصين في هذا المجال، أن يعيدوا تشغيل دولابها الخشبي الضخم على ضفاف نهر العاصي.وتُعد النواعير، التي كانت تُستخدم أساساً لري البساتين المجاورة، وفق منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، إرثاً فريداً من نوعه "لا في سورية فحسب، لكن في العالم بأسره على الأرجح".
وبقيت النواعير التي لطالما ارتبط اسمها بحماة، بمنأى عن القصف والمعارك منذ اندلاع النزاع في عام 2011، لكن بعضها توقف تدريجياً عن الدوران؛ إما بسبب تعرُّض ألواحها الخشبية المعمِّرة للسرقة أو الحرق، أو جراء تعذر صيانتها، على غرار ناعورة المحمدية، أكبر نواعير حماة وأقدمها.وبينما يعمل محمد ورفاقه في ترميم "المحمّدية"، يلتقط عدد من المارَّة صوراً تذكارية أمام ناعورة أخرى لم تتوقف عجلتها عن الدوران. وتعلو ضحكات أطفال يقفون قربها وخلفهم أشجار خضراء وبناء حجري أثري، في مشهد يبدو كأنه خارج الزمن.ويدقّ محمد (52 عاماً)، فيما يتصبَّب العرق على جبينه، مسماراً تلو الآخر في عجلة الناعورة، محاولاً تثبيت لوح خشبي جديد، بعدما اهترئ الجزء الأكبر من ألواحها. ويقول: "واجبنا أن نعيد الحياة والحركة إليها، فالنواعير روح مدينة حماة، ومن دونها تبدو المدينة ميتة، ومن دون ألوان".