تعقد المشهد في شرقي إفريقيا أمس، مع اقتراب الجولة الحالية من مفاوضات سد النهضة الاثيوبي من اللحظة التي انهارت فيها جولات التفاوض السابقة، وبينما علت نبرة التشاؤم الممزوج بالغضب في القاهرة واصلت أديس أبابا لعبة التصريحات المستفزة، في وقت تعالت بعض الأصوات الرافضة لموقف الاتحاد الإفريقي، تحت قيادة جنوب إفريقيا، الذي فشل في إدارة المفاوضات وممارسة دوره في تقريب وجهات النظر، فلم يضطلع بما تعهد به بالإشراف على المفاوضات للوصول إلى حل.وفي تصريح استفزازي، أكد وزير الخارجية الإثيوبي جيدو اندرغاشيو، في مقابلة مع قناة "العربية"، أمس الأول، أن بلاده لن تتسبب في "العطش" لأي طرف من الأطراف المعنية في ملف سد النهضة، أي مصر والسودان، مشددا على أنه "يجب على دول المصب ألا تخاف على تدفقات المياه"، واعتبر أن "هناك مبالغات ومطالب غير صحيحة من الجانب المصري" في هذا الشأن.
ورأى الوزير الإثيوبي أن "التفاوض بحسن نية هو الحل الوحيد لقضية سد النهضة". في سياق متصل، أعرب اندرغاشيو عن تقدير إثيوبيا لدور أميركا "كمراقب وليس كوسيط" في أزمة السد.وكان رئيس الحكومة الاثيوبي آبي أحمد تحدث أمام البرلمان أمس الأول، قائلا إن بلاده لن تضر بمصر، ولن تحرمها من المياه، لكنه كشف عن إصرار بلاده على بدء ملء بحيرة السد للاستفادة من موسم الأمطار الغزيرة، وأشار إلى أن التوصل إلى اتفاق سيكون قريبا.وزارة الري المصرية، وفي بيان هو الأعلى في لهجته صدر في ساعة متأخرة من مساء أمس الأول، اتهمت إثيوبيا صراحة بالعمل على إفشال المفاوضات، قائلة: "في ظل استمرار تمسك إثيوبيا بمواقفها المتشددة بخصوص الأجزاء الفنية والقانونية الخاصة بالاتفاقية، فإن ذلك يقلل فرص التوصل إلى اتفاق، في ظل أن هذه النقاط تمثل العمود الفقري للجزء الفني والقانوني من الاتفاق بالنسبة لمصر".وأوشكت المفاوضات المتعثرة على الانتهاء، إذ تعقد آخر جلساتها غدا، على أن ترفع تقريرها النهائي للاتحاد الإفريقي بعد غد، حسبما قال مصدر مطلع لـ"الجريدة"، ويفترض أن يقيم الاتحاد الأزمة قبل أن يصدر بيانه بشأنها، لكن خبراء مصريين لا يعولون كثيرا على الاتحاد الإفريقي، في ظل قيادة جنوب إفريقيا، وأكدوا أن الاتحاد فشل في التجهيز للمفاوضات، ومن ثم إدارتها، مما أدى إلى تلاعب أديس أبابا بالمفاوضات، وقضت على أي فرص لتدخل قاري.وقال الخبير المائي أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة نادر نور الدين، لـ"الجريدة"، إن دور جنوب إفريقيا والاتحاد الإفريقي في المفاوضات سلبي جدا"، وتابع: "جنوب إفريقيا هي التي طلبت التدخل، وأرسلت خطابا إلى مجلس الأمن لإعطائها فرصة للتدخل وحل الأزمة داخل البيت الإفريقي، لكننا فوجئنا بأنها لا تتدخل في المفاوضات، بزعم أنها تلتزم الحياد لكنها في الحقيقة التزمت الصمت والاستماع فقط دون تعليق".واضاف نورالدين: "للأسف الدور الجنوب إفريقي سلبي جدا في المفاوضات، ولم يحاول لعب دور توفقي حقيقي في المفاوضات، كما لم يسمعوا لخبرة المندوب الأميركي الذي سبق وأشرف على جولة مفاوضات واشنطن التي انتهت بالفشل بسبب المراوغة الإثيوبية، بل لم نجد أي رد فعل من الاتحاد الإفريقي وجنوب إفريقيا على التعنت الإثيوبي الواضح، والمتمثل في رفض أن تكون الاتفاقية ملزمة، فعلى أي أساس تقود جنوب إفريقيا المفاوضات طالما أنها ستكون غير ملزمة وغير معنية بالمخاوف المصرية والسودانية؟".بدوره، ذكر رئيس وحدة دراسات النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية هاني رسلان أن رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد، عندما افاد بأن ملء خزان سد النهضة منفصل عن المفاوضات التي يشرف عليها الاتحاد الإفريقي، أظهر الأخير بمظهر العاجز والفاقد لأي فعالية، وأن جنوب إفريقيا باعتبارها رئيسة الاتحاد الحالية، المسؤولة الأولى عن هذه النتيجة، بسبب فشلها في الإعداد لجولة المفاوضات الحالية، وعدم الرد على الموقف الإثيوبي المتعنت، مما سيؤدي إلى فشل جولة المفاوضات الجديدة.
دوليات
أديس أبابا: القاهرة تبالغ ولن «نعطّش» أحداً
10-07-2020