شوشرة: متى تشرق؟
لا تزال قضية البدون عقدة عند البعض الذين لا يزالون مستمرين في ممارسة سياسة الطعن لتمزيق ما تبقى من الأجساد التي أنهكتها سنوات المعاناة، واللعب على أوتار العنصرية والاستبداد التي اخترعها بعض أصحاب الفكر الرجعي والنهضة المتخلفة ممن يتحدثون بلغة الدين التي لا يعرفون عنه شيئا، ولغة الحقوق التي يتسلون فيها وقت ضيقهم.إلى متى هذه المعاناة مستمرة مع أناس أخلصوا لهذا الوطن؟ إلى متى تبقى خيوط الأمل غير متواصلة؟ إلى متى تتحول تلك الأحلام إلى فقاعات؟ إلى متى يغطي الظلام الدامس شمس الحقيقة؟أطباء تقدموا الصفوف الأمامية غير مبالين بخطورة الوباء لدعم الكوادر الطبية، وممرضون قادتهم أقدامهم دون تراجع لتلبية النداء، ومتطوعون تهافتوا لسد النقص في العديد من القطاعات، وكلهم من إخواننا البدون الذين أصبحوا اليوم خارج حسابات من فضلوا الآخرين عليهم، ورفضوا تعيينهم رغم الحاجة الماسة إليهم، خصوصا في ظل الظروف الحالية وما يعانيه الكادر الطبي من نقص شديد.
أصبح حلم البعض أن يصبح متطوعا في الميدان لدعم إخوانه المواطنين، فهل هؤلاء يجاملون على حساب أنفسهم أم دفعتهم الوطنية التي لا يعرفها بعض مدعيها؟ الطامة الكبرى عندما تُنتزع الإنسانية لتقف جامدة أمام صرف رواتب البدون العاملين في وزارة التربية من المناديب في المدارس ممن تفاقمت معاناتهم مع الظروف وتكالبت عليهم الديون، لأن القرار مازال غائبا عمن يقودون العملية التربوية ممن يتباهون باحترام الآخرين متغافلين عن أبسط حقوق هؤلاء.كم هو مؤلم عندما تشاهد شاباً أو طفلاً يجلس تحت أشعة الشمس اللاهبة للبيع بكل كرامة دون أن يمد يده للآخرين من أجل لقمة عيش نظيفة بعيدة عن الحرام، فمتى تشرق الشمس لتنير هذا الظلام الذي استمر دهرا من الآمال المتبددة على أرصفة الشوارع الملتهبة، بحرارة فاقت الأرقام، ليجد البعض ضالتهم في كسب الرزق الحلال، في حين أن هناك من يمارس أسوأ أنواع الاختلاس ونهب الأموال وغسلها بطرقهم الملتوية التي وصلت فضائحها إلى مختلف بقاع الأرض؟!ألم يدركوا بعد أن سياسة التطفيش انتهت في عصر التطور العقلي والفكري والتنوير الذي انتهت صلاحيته من عقول الرجعية؟ ألم تتحرك مشاعرهم لتجد طريقها نحو الإنسانية بدلا من التدليس وخلق الأعذار والتلفيق بقضايا واهية؟ إن شمس الحقيقة التي يعمل البعض على إخفائها واستمرار سياسة التضليل لن تطفئ نور الأمل في قلوب من وضعوا أرواحهم فداء لهذا الوطن وتسابقوا على نزع فتيل من يسعى لإحباطهم.فالأزمات تثبت دائما ولاء هؤلاء وحبهم لديرة الخير والالتحاق بالصفوف الأولى مهما كانت خطورتها، والمساعي الحميدة التي يتبناها البعض لحلحلة هذه القضية لإنصاف البدون يجب على كل الوطنيين إدراكها، فالانتماء إلى الأرض لا يسجل في ورقة أو ترديد الكلام والشعارات، إنما الأفعال هي خير دليل عليه والواقع هو البرهان.أنصفوهم وتبنوا هذه الكوادر المتميزة التي توارثت الولاء لهذا الوطن الذي لا وطن لهم غيره، والحديث عن إعادة هيكلة التركيبة السكانية فرصة لإنهاء هذا الملف الذي طال الحديث عنه وإعطاء الناس حقوقها دون أي تفاوض أو تلاعب، فمصير العديد من الأسر لا يزال في علم الغيب، وعلى أمل أحلام مبددة بين أسراب الوعود والحلول الغائبة وانعدام الرؤية لمستقبل مظلم.