سليمان العبدالهادي: «الخيال العلمي» يحرر القارئ من زمانه ومكانه
«مجال خصب للنقد الاستباقي للمستقبل وسلوكيات الإنسان فيه»
تحدث مدرب مهارات القراءة، رئيس نادي "نور الفكر للقراءة" سليمان العبدالهادي عن أدب الخيال العلمي، وقال إنه يحرر القارئ من الزمان والمكان والأفكار، "فقد نقرأ رواية من الخيال العلمي في زمان غريب ومكان غير مألوف، وقد نكون في كوكب آخر على سبيل المثال"، مضيفا "قد يكون زمن الرواية غارقا في القدم أو متقدما جدا في المستقبل، فالخيال العلمي يتجرأ ويغير الماضي، من أجل أن يغير المستقبل، من أجل أن يلغي الحاضر الذي نعيش فيه، ويزيد من احتمالات الحياة البشرية". وأشار إلى أن هذا الفرق بين أدب الخيال العلمي والأدب الواقعي، مضيفا أن "أدب الفنتازيا يتفوق على أدب الخيال العلمي، فهو ليس فيه حدود زمانية ولا مكانية، ولا يحترم أي شيء علمي، والكاتب يبتكر عالما ليس له وجود، أما الخيال العلمي فهو يعتمد على النظريات العلمية المعتبرة، والمقبولة في الوسط العلمي".
وتطرق العبدالهادي إلى أول من كتب أدب الخيال العلمي في العالم -بشكله الحديث- وهو الكاتب الفرنسي جول فيرن، ومن أهم وأشهر رواياته "من الأرض إلى القمر" (1865)، والتي تخيل فيها رحلة الإنسان إلى القمر قبل قرن من أن يطأ الإنسان (فعليا) على سطحه. كان ذلك عبر استضافة العبدالهادي على منصة "موُّل" العلمية، حيث قدم محاضرة بعنوان "في تقدير أدب الخيال العلمي".وتابع العبدالهادي حديثه عن خصائص أدب الخيال العلمي وقال "هو عبارة عن نقد مستقبلي، فهو لا ينتقد الحاضر مباشرة، ولكنه ينتقد شكل المستقبل، وكيف سيكون شكله؟ لذلك كثير من كتب الخيال العلمي تنتقد وتحاكم الواقع الذي فرضته التكنولوجيا على الإنسان، وكيف تغير حاله وحياته، وهو كذلك ينتقد أخلاقيات الإنسان، ويقدم حكما عن كيف ستصنع التكنولوجيا به، وهذا الذي نعيشه الآن، فكثير من الناس ينظر إلى وسائل التواصل الاجتماعي أنها غيّرت شكل العالم والإنسان".وأكد العبدالهادي أن أدب الخيال العلمي مجال خصب لفهم المستقبل وسلوكيات الإنسان فيه، وأيضا تمرين على التنبؤ بمستقبل البشرية، وهو يسهم في تكوين الفكر العلمي لدى القراء، وتعميق فهم الناس لدور العلم في حياتنا، ولكن في الدول العربية مجال الخيال العلمي فقير وخجول و(مُستهلِك). واستعرض مجموعة من النماذج المختلفة، التي تبين أن للخيال العلمي دورا بارزا في وصول الإنسان إلى هذا التقدم، فالإنسان على مر الزمن لديه حاجات، وقد تتطور وقد تبقى مجموعة من هذه الحاجات على حالها، وأدب الخيال العلمي يحاول التبنؤ بحاجات الإنسان المستقبلية التي ليست موجودة الآن، لذلك هو يطور هذه الأفكار والتجارب الفكرية، من أجل تكوين الخيال المبني على الأفكار والنظريات العلمية، التي تعد بمنزلة السلم الذي يصعد عليه كل من ينظر للمستقبل.