عمران خان يواجه أعلى درجات التخبّط!
تتعدد الأحداث التي جرت في الأشهر القليلة الماضية وجاءت لتنسف الوعود التي أطلقها رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان منذ بضع سنوات عن تغيير وجه باكستان، ونتيجةً لذلك يشكك الكثيرون اليوم بكفاءته ودوره القيادي لتجاوز التحديات التي يواجهها البلد.قد تكون أزمة "كوفيد-19" الأكثر إلحاحاً في الوقت الراهن، إذ لا مؤشرات في الأفق على انحسار الوباء، حيث تكثر العوامل المقلقة اليوم، لا سيما أن نتائج 20% من الخاضعين للفحوصات إيجابية، مما يعني أن البلد يسجّل ثالث أعلى معدل إصابات في العالم، كذلك رفضت الحكومة نصيحة منظمة الصحة العالمية بتطبيق استراتيجية الإقفال التام لأسبوعين ثم فتح البلد لأسبوعَين آخرَين لتسطيح منحنى الإصابات، كما أن تراجع الأرقام منذ الأسبوع الأخير من شهر يونيو يرتبط مباشرةً بانخفاض عدد الاختبارات الحاصلة خلال هذه الفترة.كانت طريقة تعامل الحكومة مع الوباء خجولة وغير حاسمة، وبسبب رسائل عمران خان المربكة ظن الناس في البداية أن الوباء ليس خطيراً بل يشبه الإنفلونزا العادية بكل بساطة، حتى أن البلد أوحى في مرحلة معينة بأنه تجاوز هذه الأزمة الصحية، والأسوأ من ذلك هو البدء بلوم الشعب المسكين الآن، فقد وصف أحد الوزراء في البنجاب المواطنين في لاهور بـ"الغريبين والجاهلين" لأنهم لم يأخذوا فيروس كورونا على محمل الجد.
على صعيد آخر كشف الاستطلاع الاقتصادي في 11 يونيو والميزانية السنوية الثانية في 12 يونيو مدى هشاشة الوضع الاقتصادي في هذه الفترة، كما حصل في الماضي، تُركّز الحكومة في المقام الأول على تقوية الجيش ولا تُخصّص ميزانية كبرى للتنمية.زاد الوضع سوءاً حين تكلم عمران خان في إحدى المناسبات النادرة التي يحضرها في "الجمعية الوطنية"، فاعتبر زعيم "القاعدة" أسامة بن لادن شهيداً، فصُدِم الكثيرون من موقفه وتساءلوا إذا كان كلامه مجرّد زلة لسان، لكن يتماشى هذا الموقف فعلياً مع تصريحات مشابهة أعلنها أو أوحى بها في الماضي، ويؤكد هذا الموقف إعجابه بالإسلاميين وصورته كداعم لحركة "طالبان"، لكنّ الفرق هذه المرة هو إعلان موقفه في البرلمان، فأصبح تصريحه جزءاً من السجل الرسمي الدائم في باكستان.داخلياً، تواجه الحكومة مشاكل أخرى أيضاً، فكشف أحد الوزراء في مقابلة أن الانقسامات بين كبار قادة الحزب الحاكم انعكست سلباً على أجندة الإصلاحات وخلقت فراغاً عاد وملأه أعضاء غير مُنتخَبين لا يفهمون رؤية عمران خان، وبعد الإعلان عن وجود خلافات كبرى في الأوساط الحاكمة، اتّضح أن عمران خان قائد عاجز يرأس بلداً منقسماً. بعيداً عن التوجهات التي يفضّلها عمران خان، يبدو أنه يتخبط أيضاً لأنه يرأس حكومة أقلية تتكل على أحزاب أصغر حجماً جمعها الجيش، وكلّفه رحيل واحد من الأحزاب في الأسبوع الماضي أربعة مقاعد، فهو يحتفظ حتى الآن بأغلبية مؤلفة من ثمانية مقاعد، لكن قد يتغير الوضع سريعاً بقرارٍ من الجيش.تلقى عمران خان تحذيراً آخر من المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية حين اتصل بزعيم المعارضة الباكستاني شهباز شريف للاطمئنان على صحته، تثبت هذه الخطوة أن الصين تبقي جميع الخيارات واردة.حتى الآن يتابع قادة الجيش دعم عمران خان بكل قوة لأنه سمح لهم بترسيخ نفوذهم، لكن لن يغفل الجيش على الأرجح عن قلة كفاءته في الحكم وفشله في التعامل مع أزمة كورونا والمشاكل الاقتصادية.من الواضح إذاً أن الوضع القائم لا يصبّ في مصلحة عمران خان، فقد بدأت الصورة التي اجتهد لتقديمها أمام الناس تنهار بسبب قلة كفاءته، حتى أن تركيزه على المحاسبة أصبح اليوم عبئاً ثقيلاً عليه لأنه يُعتبَر تدبيراً انتقامياً ويمنع التعاون مع المعارضة خلال الأزمات الصحية الوطنية، وحتى أشرس مناصري خان بدؤوا يشككون بخيارهم بعد مرور سنتين على الانتخابات الأخيرة، إذ تكثر المؤشرات على التخبط الحاصل إذاً، لكن هل بدأ عمران خان يلاحظها؟* تيلاك ديفاشر* «دبلومات»