• في كتاباكم "نظرية الأدب الرقمي... ملامح التأسيس وآفاق التجريب"، برأيك، هل هناك إمكانية للمزاوجة بين الأدب والتكنولوجيا؟- هذا أمر مؤكد، لم يعدّ يقف عند حدود الإمكانية، فالتجارب العالمية قطعت شوطا كبيرا في هذا الاشتغال، وبدأ العالم العربي يحقق نوعا من التراكم في منجزه، وإن كان مازال محدودا ودون مستوى الطموح.
• ولكن ما الروئ النقدية التي خلصت إليها من خلاله؟- يمكنني إيجاز ذلك بالقول إن تأثير التكنولوجيا في حياتنا لا حدود له، ولا يوجد ما يمنع من توظيفها في الإبداع الأدبي بصورة إيجابية، فعصر الكلمة المكتوبة بدأ يتراجع لمصلحة المرئيات والسمعيات، وعلى الأدب التقليدي أن يبدأ هذا الطور من التجريب.
جامعة عريقة
• من خلال عملكم بجامعة البلقاء التطبيقية في الأردن، ماذا عن مساهمتكم فى تحديث بنية النقد العربي الحديث؟- بالطبع كان لعملي في جامعة عريقة تصنف على أنها "تطبيقية" دور كبير في تسهيل مهمة تقديم مقاربة علمية أكاديمية تراعي إحكام الصلة بين قيم الأصالة والتوجهات المعاصرة، وتحاول أن تقدم للقارئ العربي ما يحفظ مكونات هويته الراسخة ويُحكم الصلة بها من جهة، وتراعي أهمية توجهاته الحداثية الواعية من جهة أخرى، أما عن قيامي بتشكيل بنية نقدية يمكن عدّها منطلقا إلى النقد العربي الحديث، فهذا مما لا أملك القدرة على ادعائه، ولأنّ مشروعي النقدي لم يبلغ نهايته بعد، فكل ما يمكنني قوله إنني اجتهد في الإسهام، إلى جانب نخبة من الباحثين والمبدعين العرب، في التأسيس لاشتغال أدبي ونقدي جديد يتمحور حول الأدب الرقمي ونقده.الوفاق الأدبي
• "النقد الأدبي"، إلى أين يتجه؟ وهل الوفاق بين أفراد الجماعات الأدبية يؤدي إلى إنتاج نقدي متطور؟ - حقيقة هذا سؤال فيه من العمق والتشعب ما يجعله بحاجة إلى نقاش طويل، لكنّني أوجز جانبا من المسألة بالقول: إن الواقع النقدي تطورا أو تراجعا ما هو إلا إنعكاس للواقع الأدبي ذاته، فالعلاقة بينهما طردية، دون أن يعفي ذلك النقد الأدبي من مسؤولياته.الأعمال الأدبية
• وكيف يحافظ الأدب على هويتنا العربية؟- الأدب بطبعه قومي، كان منذ أقدم نماذجه يكتب بلغة الأمة التي تنتجه، ويعالج الموضوعات والقضايا التي تتصل بها، والأهم أنه يرسم صورتها التي تميزها عن غيرها، وهذا ما دفع كثيرا من الشعوب والحضارات إلى تخليد الأعمال الأدبية التي تمثّلها، بل إن بعض الأدباء وبعض الأعمال الأدبية العريقة، استطاعت أن تصبح بذاتها مكونا من مكونات هوية هذه الأمة أو تلك، وهذا يتطلب من الأدباء العرب الخروج من حدود الانتماءات الوهمية الضيقة، وإيلاء العناية للقضايا المصيرية المشتركة، وفتح الخطاب الأدبي على آفاق أرحب، تعزز من وعينا بذاتنا وتقديرنا لهذه الذات.• ما ملامح منجز السرد العربي برأيك؟ - السرد العربي، وتحديدا الرواية، تعيش حركة نشطة، وتحظى برعاية رسمية وأهلية كبيرة، واستطاع المنجز السردي أن يثبت حضوره العالمي، لكنّه الآن وصل إلى مرحلة تحتاج إلى المراجعة والتدقيق، والسبب أننا بدأنا نلمس انهمارا كميا كبيرا في حجم المنجز السردي على حساب النوعية، واختلط الغث بالسمين، واستسهل كثيرون الكتابة السردية دون أن يكونوا أهلا لها، وإذا استمر الأمر على هذا المنوال، فسيخسر المنجز السردي كثيرا، ويفقد دوره، وقدرته على جذب القارئ والناقد.وفاق وانسجام
• هل تثق بأن النقد مكمل للإبداع، أم أن العلاقة بينهما لم تكتمل حتى الآن؟- الأمر لا يتصل بالثقة، لكنه يشبه الزواج الكاثوليكي، إما أن يعيش الاثنان بوفاق وانسجام، وإما أن يعيشا في خصام وجفاء، أما الطلاق فهو غير ممكن، وعلى هذا فلا يمكن لأي علاقة أن تسير في إيقاع ثابت، لكن عمل أي منهما لا يكتمل إلا بعمل الآخر، وإن كان يغلب على علاقة النقد بالأدب منذ القدم التوتر والعداء.الوعي الثقافي
• برأيك ما هي السمات التي تميز المشهد الثقافي الأدبي الأردني العربي الحالي في ظل الأحداث والتطورات التي تشهدها الساحة السياسية؟- المشهد الثقافي الأدبي الأردني هو في النهاية امتداد للمشهد العربي، ولا شك في أن التطورات السياسية الحالية قد تركت آثارا عديدة في هذا المشهد، منها ما هو إيجابي متمثّل في تعزيز الوعي الثقافي السياسي، وتعزيز الانخراط الهادف في توظيف الحدث السياسي ثقافيا وأدبيا، واستثماره لتقريب وجهات النظر، ومنها ما هو سلبي تمثل في تأثير بعض الأحداث السياسية على تراجع المشهد الثقافي والأدبي، وكذلك بروز اتجاهات ثقافية وأدبية منحازة لممارسات سياسية معيّنة، والأسوأ تولد خطابات ثقافية وأدبية محتكمة لأيديولوجيات سياسية عمقت بعض مظاهر القطيعة بين المثقفين والأدباء، دون أن يخلو المشهد من مكونات اختارت النأي والحياد في تفاعلها مع الأحداث والتطورات السياسية.