مع تزايد المؤشرات الميدانية على اقتراب معركة حاسمة على مدينة سرت الساحلية الليبية التي تقع في الوسط بين عاصمتي الشرق والغرب بنغازي وطرابلس، واصلت مصر استعداداتها للتحرك في حال تم تجاوز الخط الأحمر الذي رسمته، وذلك غداة دعوة البرلمان الليبي المعترف به لها بالتدخل.

ومع انتهاء مناورات "حسم 2020" العسكرية التي نظمتها القوات المسلحة المصرية قرب الحدود الليبية أكدت المصادر السياسية في القاهرة ان الخطة العسكرية صارت جاهزة للتصدي لأي تجاوز للخط الاحمر المصري الذي رسمه الرئيس عبدالفتاح السيسي ويمتد من مدينة سرت جنوباً الى مدينة الجفرة التي تحتوي قاعدة جوية استراتيجية.

Ad

وقال البرلمان الليبي، برئاسة عقيلة صالح، في بيان، مساء أمس الأول، إن "من حق القوات المسلحة المصرية التدخل لحماية أمننا القومي المشترك، إذا رأت أن هناك خطرا وشيكا يطالنا، والعمل على تحقيق الاستقرار في بلادنا والمنطقة".

وجدد البرلمان المعترف به دوليا، في بيانه، ترحيبه بما جاء في كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي، بحضور ممثلين عن القبائل الليبية، 20 يونيو الماضي، داعيا إلى "تضافر الجهود بين الشقيقتين ليبيا ومصر، بما يضمن دحر المحتل الغازي التركي".

وأشار البرلمان، الذي يتمركز في مدينة طبرق الساحلية شرق البلاد، إلى أن "ذلك يأتي في ظل ما تتعرض له بلادنا من تدخل تركي سافر، وانتهاك لسيادة ليبيا بمباركة الميليشيات المسلحة المسيطرة على غرب البلاد، وسلطة الأمر الواقع الخاضعة لهم، ولما تمثله جمهورية مصر العربية من عمق استراتيجي لليبيا على كل الصعد: الأمنية، والاقتصادية، والاجتماعية، على مر التاريخ".

وأكد البيان على المخاطر المتنامية، حيث تشكلت خطوط القتال في يوليو الجاري قرب مدينة سرت، بعد أن صدت "الوفاق"، المعترف بها دوليا، بدعم عسكري تركي، هجوما شنته قوات حفتر على مدى أكثر من عام للسيطرة على طرابلس.

وشدد البيان على ضرورة "ضمان التوزيع العادل لعائدات النفط، وضمان عدم العبث بثروات الليبيين لمصلحة الميليشيات المسلحة الخارجة على القانون"، في إشارة إلى قوات "الوفاق" التي تسيطر على العاصمة طرابلس.

امتداد الحرب

من جانب آخر، شدد رئيس مجلس النواب على أن أضرار الحرب الليبية ستمتد إلى أماكن بعيدة ودول أخرى إن لم يتم التوصل إلى حل.

وكشف أن هناك دعوة لالتئام جميع الأطراف الليبية للحوار خلال اليومين القادمين، من أجل وضع حل للأزمة في ليبيا، مبينا أن تلك الدعوة أجمع عليها المجتمع الدولي، مع التأكيد على وقف إطلاق النار بين الطرفين.

وفيما يتعلق بالحوار بين "المجلس النيابي" و"مجلس الدولة" الموالي لحكومة "الوفاق"، أكد صالح أنه لم ينقطع، لكن مراحله الختامية لم تتوصل إلى تسمية رئيس بعد، مضيفا أن خطوات الانتخاب ما زالت مستمرة.

وفي أول رد فعل من قبل الأطراف الموالية لـ"الوفاق"، اعتبر عضو "المجلس الأعلى للدولة" عبدالرحمن الشاطر أن إجازة التدخل العسكري المصري، دعوة لـ"قتل المصريين بالرصاص لمن لم يمت منهم بالعطش جراء سد النهضة" الاثيوبي.

وقال الشاطر، عبر "تويتر"، "من عجائب القدر اختزال سلطة تشريعية منتخبة، برلمان طبرق، بشخص رئيسها. إذن ما لزوم بقية الأعضاء؟ ومن عجائبه أن يقرر صالح منفردا دعوة مصر لإرسال جيشها إلى ليبيا".

في موازاة ذلك، أطلقت حكومة "الوفاق"، التي يتزعمها فايز السراج، تحذيرا، وقالت إنها ستعمل على استعادة كل المدن الليبية الخاضعة، وستزحف باتجاه حقول النفط لإعادة تشغيلها، بعد قيام قوات حفتر بإغلاقها السبت الماضي، وهو ما يعني ضمنا السيطرة على مدينة سرت التي تعد منفذا إلى مرافئ تصدير الخام الرئيسية في البلاد.

وقال المتحدث باسم القوات الموالية للحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة، العقيد محمد قنونو: "حان الوقت ليتدفق النفط مجددا، والضرب على الأيدي الآثمة العابثة بقوت الليبيين، وإنهاء تواجد المرتزقة الداعمين لمجرم الحرب حفتر الذي أباح لهم أرض ليبيا وسماءها".

وأضاف قنونو: "نبشر كل الليبيين الشرفاء، أننا ماضون إلى مدننا المختطفة، ورفع الظلم عن أبنائها، وعودة مهجريها، وسنبسط سلطان الدولة الليبية على كامل ترابها وبحرها وسمائها".

ترحيب مصري

في غضون ذلك، رحبت الأوساط المصرية بدعوة البرلمان الليبي.

ومع تنامي احتمالات التصادم المباشر بين القوى الأجنبية الناشطة في ليبيا وخاصة تركيا ومصر، رفض وزير الخارجية المصري سامح شكري تصريحات نظيره التركي مولود جاويش أوغلو بشأن شروط وقف إطلاق النار في ليبيا، والتحضيرات لعملية عسكرية في مدينة سرت.

وقال شكري إن الحديث عن عمل عسكري مباشر في ليبيا "أمر خطير، وخرق لقرار مجلس الأمن وقواعد الشرعية الدولية، وسيكون تأثيره بالغ الخطورة على الأوضاع"، نافيا وجود أي اتصالات أو حوار بين القاهرة وأنقرة خلال الفترة الماضية حول الملف الليبي.

وتأتي التطورات وسط تحركات عسكرية مصرية قرب الحدود، آخرها مناورات "حسم 2020"، التي قال الجيش المصري إن هدفها "القضاء على المرتزقة من جيوش غير نظامية"، وأطلقها بعد يوم من إعلان البحرية التركية تحضيرها لمناورات ضخمة بـ3 مناطق قبالة السواحل الليبية.

تحذير إماراتي

في غضون ذلك، قال وزير الدولة للشؤون الخارجية بالإمارات أنور قرقاش، أمس، إن طبول الحرب التي تقرع حول سرت تهدد بتطور جسيم وتبعات إنسانية وسياسية خطيرة.

وأضاف قرقاش: "اننا ندعو من الإمارات إلى الوقف الفوري لإطلاق النار وتغليب الحكمة، والدخول في حوار بين الأطراف الليبية وضمن مرجعيات دولية واضحة، وتجاهل التحريض الإقليمي وغاياته".