استكمالاً لخطة طموحة بدأها السبت الماضي بهدف فرض هيبة الدولة وتحجيم الميليشيات الحزبية والعشائرية، كلف رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي قوات عسكرية برية وبحرية السيطرة على المنافذ الحدودية مع إيران والكويت بالتزامن مع قيامه بزيارة للبصرة جنوبي البلاد أمس.وذكرت قيادة العمليات المشتركة، في بيان، أن "قوات عمليات البصرة ستتولى السيطرة التامة على منفذ الشلامجة مع الجمهورية الإسلامية ومنفذ صفوان مع الكويت، فيما تم تكليف قيادة القوة البحرية بالسيطرة الكاملة على المنافذ البحرية في ميناء أم قصر الشمالي والأوسط والجنوبي" المطل على مياه الخليج.
وأضاف البيان أنه تم تخويل القوات التي ستسيطر على المنافذ الحدودية بـ"جميع الصلاحيات لفرض الأمن وإنفاذ القانون والتعامل المباشر مع أي مخالفة للقانون أو حالة تجاوز مهما كانت الجهات التي تقف وراءها وفرض هيبة الدولة وحماية المال العام وتأمين الحرم الجمركي".وأشارت إلى أن "قيادة العمليات المشتركة مستمرة بفرض السيطرة ومسك جميع المنافذ الحدودية مع دول الجوار".والسبت الماضي أشرف الكاظمي على عملية سيطرة القوات الحكومية على منفذي المنذرية ومندلي في محافظة ديالى بين العراق وإيران للحد من عمليات التهريب ومكافحة الفساد، وكذلك حرمان الميليشيات التي تسيطر على المنافذ من عوائد مالية تسرقها من الدولة، إضافة إلى إمكانية إدخالها السلاح والمقاتلين.
ضبط السلاح
وعقد الكاظمي اجتماع الحكومة الأسبوعي في البصرة، أمس، وأكد أن مجلس الوزراء صوت على "عدم السماح لأي جهة كانت سواء كانت حزبية أو عشائرية بحمل السلاح".وقال خلال الاجتماع الذي عقد بأحد فنادق المدينة، إن "السلاح بيد الدولة والموانئ والمنافذ تحت سلطة القانون وليس بيد الفاسدين، وأكد أن القوات النظامية ستُستبدل بين فترة وأخرى" لضمان النزاهة. وشدد على موقف حكومته الساعي للسيطرة على المنافذ الحدودية والموانئ البحرية ومحاربة الفاسدين، مضيفاً أن حكومته تعمل على حل الأزمات وتهيئة أرضية ملائمة للانتخابات النزيهة.وأكد رئيس الوزراء أن الاعتماد على النفط تجربة فاشلة، مشيراً إلى أن الحكومة لديها خطة لإصلاح النظام المالي والإداري للتحرر من "عبودية النفط".ورأى أن "سبب قلة الأموال في الوقت الحالي هو سوء الإدارة والاعتماد المطلق على سياسة النفط".وذكر الكاظمي الذي يواجهة أزمة اقتصادية جراء تراجع أسعار النفط وإجراءات الإغلاق المفروضة لمواجهة تفشي فيروس "كورونا" أن "المستثمر الجاد سيلاقي الدعم والحماية من الحكومة ولدينا اهتمام بالمزارع ونحاول دفع مستحقات الفلاحين كاملة، ونحن جادون بمحاربة الفاسدين".وأعلن رئيس الحكومة عن إحياء مشاريع المياه المتعطلة.ويتهم حقوقيون ورجال أعمال بشكل متكرر، الفصائل المسلحة الموالية لطهران بقبول رشاوى لإدخال السلع المستوردة أو مواد البناء إلى البلاد.ويمر العراق الذي تعتمد أكثر من 90 في المئة من ميزانيته على النفط، بأسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، إذ فشل ثاني أكبر منتجي النفط في منظمة أوبك من تنويع اقتصاد وإيجاد بدائل عن الذهب الأسود.احتجاجات البصرة
وبالتزامن مع انعقاد الاجتماع الوزراي رفع المتظاهرون في مدينة البصرة، علم "إقليم البصرة"، في إشارة إلى مطالب المحتجين بإقامة إقليم للمحافظة الغنية بالنفط، جنوبي البلاد.وخرج محتجون غاضبون بتظاهرات في عدة مناطق من البصرة، بالتزامن مع زيارة الكاظمي، مطالبين بتحسين أوضاعهم الاقتصادية والمعاشية، وحل ملفات ارتفاع نسبة البطالة وتفشي الفساد الاداري والمالي وتردي واقع الخدمات في المحافظة.يذكر أن مشروع إقامة الإقليم في البصرة، كان قد صوت لمصلحته 22 عضواً في مجلس المحافظة من أصل 35، مطلع شهر أبريل 2019، لكنه لم يلق استجابة من رئيس الحكومة السابق عادل عبدالمهدي.ملاحقة «المافيات»
في غضون ذلك، عزا المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العميد يحيى رسول نشر قوات عسكرية في المنافذ الحدودية إلى رغبة الحكومة في "منع الأشخاص والمجموعات من إحكام سيطرتهم عليها من خلال عمليات التهريب والرشاوى، وإعادة إيرادات المنافذ إلى الحكومة".وكشف رسول أن لدى الحكومة معلومات كافية عمّا أسماها "المافيات والأشباح التي تسيطر على تلك المنافذ"، مشيراً إلى توجه باستبعاد الموظفين المتهمين ممن تحوم حولهم شبهات فساد.مشاورات إقليمية
من جانب آخر، أكد مستشار الأمن الوطني العراقي الجديد قاسم الأعرجي، أن العراق لا يريد الخلاف مع أي دولة، ويريد أن تكون علاقاته جيدة مع الجميع لما يحفظ سيادته.وتعهد الأعرجي، الذي يتمتع بعلاقات مع إيران ويحتفظ بقنوات تواصل مع السعودية بتعزيز العلاقات مع دول الجوار والمحيط العربي والدول الإقليمية والدولية، وأعلن أن رئيس الوزراء سيزور إيران والسعودية الأسبوع المقبل بهدف إجراء مشاورات إقليمية.ونقلت تقارير إيرانية رسمية عن الأعرجي، الذي حل محل رئيس هيئة "الحشد الشعبي" فالح الفياض مستشاراً للأمن الوطني، قوله إنه "متفائل وواثق من أن دول المنطقة ستعمل بشكل إيجابي مع بغداد لتقديم حل للمشاكل القائمة".وبشأن المفاوضات بين واشنطن وبغداد، تعهد الأعرجي بـ"لعب دور رئيسي في الحوار الاستراتيجي"، معتبراً أن انسحاب القوات الأميركية "مطلباً عراقياً".ولفت إلى أن واشنطن تعهدت في البيان المشترك عقب الجولة الأولى من الحوار الاستراتيجي بتقليص عدد قواتها في العراق خلال أشهر والحوار مع الحكومة العراقية حول وضع القوات المتبقية ضمن "التحالف الدولي" ضد تنظيم "داعش".وكانت مصادر إيرانية ذكرت أن وزير الخارجية محمد جواد ظريف سيزور بغداد الأحد المقبل استجابة لدعوة نظيره العراقي فؤاد حسين، للتشاور.في السياق، أعلنت وزارة الخارجية العراقية، أن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان سيزور العاصمة بغداد اليوم.