بعد الصرخة التي أطلقها من أجل حياد لبنان، والتي لاقت دعماً من قوى سياسية وشعبية واسعة، زار البطريرك الماروني بشارة الراعي، أمس، الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا لبحث التطورات، بينما تغرق البلاد في أزمة اقتصادية غير مسبوقة منذ عشرات السنوات.

وقال الراعي عقب اللقاء: «الولاء يجب أن يكون للبنان أولاً»، وأضاف: «بكركي لا تسير مع معارضة أو موالاة، وتتحدث بالأمور الوطنية، وإذا ارتبطنا بطرف تصبح كلمتنا غير حرّة، والتفاهم مع الرئيس عون تام، وقد أبلغت الرئيس أنني عنيت الجميع بكلامي»، في إشارة الى دعوته لـ «تحرير الشرعية».

Ad

وفي إشارة الى أوضح انتقادات وجهها لحزب الله منذ وصوله الى سدة البطريريكة، شدد الراعي على أن «الحياد ليس موجها ضد أحد، بل هو لمصلحة جميع المكونات اللبنانية، لأن هذا الحياد يجلب الاستقرار والنمو».

وأضاف: «لا ينتشلنا من حالتنا الحالية شيء إلا الحياد، والحياد هو أن يكون لبنان ملتزما بالقضايا العامة العربية من دون الدخول في الصراعات السياسية والعسكرية، ويكون المدافع الأول للعدالة والسلام والتفاهم ونستثني دائما إسرائيل، والحياد يعني دولة قوية وجيشا قوياً ولا إشكال بهذا الموضوع مع الرئيس».

الى ذلك، جددت إيران أمس عرضها لبيع النفط للبنان بالليرة على لسان السفير الإيراني في بيروت محمد جواد فيروزنيا. ويأتي العرض الإيراني بعدما أعلن مدير الامن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم الذي زار الكويت مبعوثا من الرئيس ميشال عون أنه اقترح على الكويت أن يشتري لبنان مشتقات النفط منها من دون وسيط، وبعد أن حامت الشكوك في بغداد حول جدية الاقتراح الذي تمت مناقشته خلال زيارة وفد عراقي قبل أيام الى بيروت لمبادلة المنتجات الزراعية اللبنانية بمشتقات نفطية واجه الوفد العراقي لدى عودته من بيروت انتقادات سياسية واعلامية وصلت الى حد المطالبة باستجواب وزير النفط. وكانت «الجريدة» علمت أن «العرض الإيراني لا يقتصر على النفط، بل أيضا لتمويل مشاريع إنمائية وإنتاجية».

في غضون ذلك، قالت وكالة "أسوشيتد برس"، أمس، إن "​لبنان​ يسعى إلى تأمين استثمارات من قبل ​الصين​، مع تضاؤل فرص حصوله على الدعم المطلوب من الغرب والعرب لتجاوز أزمته المالية، دون إجراء إصلاحات ملموسة".

ولفتت الوكالة، في تقرير، إلى أن "لبنان الذي كان على مدى وقت طويل مجالاً للتنافس بين ​إيران​

و​السعودية​ بات الآن من النقاط المهمة بالنسبة لتصعيد التوترات بين الصين والغرب"، موضحة أن "حكومة ​حسان دياب، تبحث حاليا عن الدعم الصيني على خلفية عدم إحراز أيّ تقدّم يذكر في مفاوضاتها الماراثونية مع ​صندوق النقد الدولي​، ورفض المانحين الدوليين تقديم مساعدات مالية إلى ​بيروت​ بقيمة 11 مليار دولار وعدوا بدفعها عام 2018، ما لم تطبّق في البلاد إصلاحات اقتصادية واسعة النطاق وإجراءات في سبيل ​مكافحة الفساد​".

كما أفادت بأن "الالتفات نحو الصين يحظى بدعم نشط من قبل "حزب الله​ اللبناني، لكنه يهدد في الوقت نفسه العلاقات بين حكومة بيروت و​الولايات المتحدة​"، معتبرةً أن "استراتيجية ​الحكومة اللبنانية​ الحالية بـالسير على حبل بهلوان".

وأشارت إلى أن "دياب استقبل في وقت سابق من الشهر الجاري سفير الصين لدى لبنان ​وانغ كيجيان​، وبعد ذلك تم توجيه ​وزير الصناعة​ اللبناني ​عماد حب الله​، بدراسة فرص التعاون مع بكين"، مؤكدة، نقلا عن مسؤول وزاري، أن "تحركنا نحو الصين جدّي جدا، لكنّنا لا ندير ظهرنا للغرب. نمرّ بظروف استثنائية، ونرحب بكل من ينوي مساعدتنا".

وشدد المسؤول على أن "الصين اقترحت الإسهام في إنهاء أزمة الطاقة المستمرة منذ عقود في لبنان عبر شركاتها الحكومية"، لافتا إلى أن "حكومة بيروت تدرس حاليا هذا المقترح". وأكد أن "بكين عرضت أيضا إنشاء شبكة محطات طاقة ونفقا يصل بين بيروت ووادي البقاع، وسكة حديدية على طول سواحل لبنان".