تخطت أسعار مزيج خام برنت مستوى 40 دولارا أميركيا للبرميل خلال الشهر الجاري، في ظل تزايد معدلات الطلب عبر الأسواق الرئيسية، بعد أن بدأ تخفيف إجراءات الحظر الناتجة عن تفشي فيروس كورونا (كوفيد - 19)، حيث استأنفت عدد من الدول، بما في ذلك الشرق الأوسط، أنشطتها الاقتصادية بشكل جزئي، بما ساهم في تعزيز الطلب على النفط، وإن كانت الأسعار لاتزال أقل بنسبة 36 في المئة، مقارنة بالمستويات المسجلة في بداية العام. ويأتي الانتعاش الاقتصادي رغم إعلان عودة ارتفاع عدد حالات الإصابة الجديدة بـ»كورونا» مرة أخرى في عدد من الولايات الأميركية وآسيا مع استمرار تجارب انتاج اللقاحات في كل أنحاء العالم.
وحسب تقرير صادر عن شركة «كامكو إنفست»، بدأت شركات طيران عملياتها بشكل جزئي، وبدأت الدول الآن تستقبل السياح الدوليين. ووفقاً لتقرير صادر عن وكالة «بلومبرغ»، تزايدت متطلبات وقود الطائرات الأميركية تدريجياً إلى نسبة 50 في المئة من معدل العام الماضي. من جهة أخرى، أظهرت بيانات مؤشر مديري المشتريات لشهر يونيو 2020 نجاح عدد من الدول في اظهار بعض العلامات الدالة على النمو الصناعي خلال الشهر، حيث تخطى مؤشر مديري المشتريات حاجز 50 نقطة، في حين أن الدول المتبقية تعافت من أدنى مستوياتها المسجلة في الربع الثاني من عام 2020 وتتقدم ببطء لتصبح على أعتاب النمو.أما على صعيد الطلب على النفط، فبدأت متطلبات النفط تتعافى تدريجياً إلى مستويات ما قبل الجائحة، حيث أعلنت إيطاليا مؤخراً أن احتياجاتها من النفط تتراوح ما بين 85 إلى 90 في المئة من مستويات ما قبل الجائحة، بينما ارتفعت واردات الصين من النفط الخام بنسبة 10.9 في المئة على أساس شهري خلال يونيو 2020. وشهدت تدفقات النفط من منطقة الشرق الأوسط إلى الأسواق الآسيوية، والتي تحتوي على نسبة عالية من الكبريت، طلباً قوياً بما أدى إلى قيام الدول الخليجية المصدرة للنفط بزيادة أسعار البيع الرسمية لهذه الدرجات من الخام.وقامت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري برفع تقديرات الطلب على النفط للربع الثاني من العام 2020 مجدداً بمقدار 1.5 مليون برميل يومياً، قائلة إن تراجع الطلب على النفط كان أقل حدة مما كان متوقعاً خلال الربع. أما بالنسبة لتوقعات عام 2020 كله، قامت الوكالة بتعديل توقعاتها للطلب العالمي إلى 7.9 ملايين برميل يومياً أو ما يعادل نسبة 8 في المئة مقارنة بتوقعاتها السابقة ان يشهد الطلب تراجعاً بواقع 8.3 ملايين برميل يومياً. وبدأ الحديث حول تجاوز الطلب على النفط مستوى 100 مليون برميل يومياً في الظهور مجدداً على الساحة، حيث أكد رئيس وكالة الطاقة الدولية أنه لن يتفاجأ إذا وصل الطلب إلى 100 مليون برميل يومياً، في حين اشارت تحليلات وكالة أس آند بي جلوبال بلاتس أناليتيكس (S&P Platts Analytics) أن الطلب على النفط قد يتجاوز حاجز 100 مليون برميل يومياً في عام 2021.واجتمعت اللجنة الوزارية لمراقبة خفض الإنتاج لـ»أوبك» وحلفاؤها أمس الأول، وقررت رفع الإمدادات تدريجيا وتخفيف القيود إلى 7.7 ملايين برميل يومياً بدءاً من أغسطس 2020. إلى ذلك، قال وزير الطاقة السعودي إن الزيادة في العرض ستقابلها زيادة الطلب المحلي، وكذلك التخفيضات التعويضية من قبل الدول التي لم تلتزم بالتخفيضات خلال شهري مايو ويونيو 2020. وأظهرت البيانات الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية أن إمدادات النفط العالمية وصلت إلى أدنى مستوياتها المسجلة في تسعة أعوام، حيث بلغت 86.9 مليون برميل يومياً في يونيو 2020 على خلفية خفض الأوبك وحلفائها حصص الإنتاج إلى جانب تراجع إنتاج كلا من الولايات المتحدة وكندا نتيجة لتضاؤل الاستثمارات وتناقص أنشطة الحفر. ووفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية، انخفض إنتاج النفط إلى 10.5 ملايين برميل يومياً في يونيو 2020، فيما يعد أدنى مستوياته المسجلة في عامين في ظل تراجع اعداد منصات الحفر إلى واحدة من أدنى المعدلات المسجلة. ووصل إنتاج النفط الصخري خلال يونيو 2020 إلى 7.6 ملايين برميل يومياً، بانخفاض قدره 2.5 مليون برميل يومياً عن مستويات مارس 2020.
الاتجاهات الشهرية للأسعار
استقرت أسعار عقود النفط الفورية عند أعلى مستوياتها المسجلة في 4 أشهر عند نحو 43 دولارا للبرميل منذ بداية يوليو 2020 بدعم من توقعات انتعاش الطلب بوتيرة أسرع إلى جانب مستويات خفض الإنتاج التاريخية التي اعتمدها منتجو الأوبك وحلفائها، حيث وصلت الأسعار الفورية لمزيج خام برنت إلى 43.2 دولارا للبرميل في بداية الشهر بعد ظهور تقارير عن زيادة معدلات الامتثال من قبل منتجي الأوبك وحلفائها، بما أدى إلى وصول الإنتاج إلى أحد أدنى المستويات المسجلة. وبلغ متوسط سعر مزيج خام برنت 40.3 دولارا في يونيو 2020، بزيادة تصل إلى 40 في المائة تقريباً. كما ارتفع سعر العقود الفورية لخام الأوبك والنفط الخام الكويتي بوتيرة أعلى قليلاً بلغت نسبتها 47.2 في المئة، و42.7 في المئة، ليصلا في المتوسط إلى 37.05 دولارا للبرميل، و34.5 دولارا للبرميل على التوالي.الطلب على النفط
تم تعديل توقعات نمو الطلب العالمي على النفط بمقدار 0.1 مليون برميل يومياً لعام 2020، ليظهر الآن انخفاضاً هامشياً يبلغ 8.9 ملايين برميل يومياً ويصل في المتوسط إلى 90.72 مليون برميل يومياً خلال العام. واستند رفع توقعات الطلب العالمي على النفط إلى بيانات أعلى من المتوقع للدول التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية خلال الربع الثاني من عام 2020، بما ساهم في تعويض التعديل الهبوطي لبيانات الطلب للدول غير الأعضاء خلال نفس الفترة نتيجة لتراجع معدلات الطلب لدول آسيا (باستثناء الصين واليابان) أكثر مما كان متوقعاً، حيث تم تعديل توقعات الطلب لمنطقة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بمقدار 1 مليون برميل يومياً مقارنة بالتوقعات السابقة نتيجة لتحسن بيانات متطلبات الديزل في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في أوروبا وآسيا والمحيط الهادئ بمستويات اعلى من المتوقع، هذا إلى جانب تحسن توقعات المواد البتروكيماوية الخام في الدول الأميركية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. أما بالنسبة للدول غير الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فقد تم تعديل بيانات الطلب وخفضها بمقدار 0.2 مليون برميل يومياً للربع الأول من عام 2020، وبمعدل 0.4 مليون برميل يومياً للربع الثاني من عام 2020، وبواقع 0.1 مليون برميل يومياً لعام 2020 كله، بما يبرز طلباً أقل من المتوقع في دول آسيا الأخرى (باستثناء الصين واليابان) خلال النصف الأول من عام 2020. من جهة أخرى، كان ضعف نشاط الصناعات التحويلية وتباطؤ أداء قطاع النقل في دول مثل الهند وإندونيسيا وتايلند وسنغافورة أكثر حدة مما كان متوقعاً، الأمر الذي أدى إلى انخفاض أكبر في الوقود الصناعي والنقل. كما أصدرت الأوبك توقعات نمو الطلب لعام 2021، مشيرة إلى توقع تعافي الطلب على النفط جزئياً في عام 2021، وأن ينمو بمقدار 7 ملايين برميل يومياً، فيما يعد أحد أكبر معدلات النمو السنوية تاريخياً. ومن المتوقع أن ينقسم هذا النمو بالتساوي ما بين الدول التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وغيرها من الدول غير الأعضاء، أما من حيث فئات المنتجات، فمن المتوقع أن يشهد البنزين والديزل أعلى معدلات النمو.إنتاج «أوبك»
استمر إنتاج «أوبك» في التراجع للشهر الثاني على التوالي في يونيو ليصل إلى أدنى مستوياته المسجلة منذ حرب الخليج في عام 1991، حيث انخفض الإنتاج بمقدار 1.93 مليون برميل يومياً في يونيو 2020 ليصل في المتوسط إلى 22.62 مليون برميل يومياً. ووصل معدل انخفاض الإنتاج على مدى الشهرين الماضيين 7.8 ملايين برميل يومياً، وفقاً لبيانات وكالة بلومبرف. وجاء هذا التراجع على خلفية زيادة امتثال الأوبك وحلفائها باتفاقية خفض حصص الإنتاج، حيث خفضت السعودية إنتاجها بمقدار 1.13 مليون برميل يومياً، وبلغ متوسط انتاجها 7.53 مليون برميل يومياً فيما يعد أدنى مستويات الإنتاج التي تشهدها المملكة منذ 18 عاماً. كما خفض العراق إنتاجه إلى أقل من 4 ملايين برميل يومياً، وبلغ معدل انتاجه 3.91 ملايين برميل يومياً، أي بانخفاض قدره 300 ألف برميل يومياً. وخفضت فنزويلا انتاجها أيضاً إلى أحد أدنى المستويات المسجلة، حيث بلغ معدل الإنتاج 0.34 مليون برميل يومياً، بانخفاض قدره 210 آلاف برميل يومياً مقارنة بإنتاج الشهر السابق. كما قلصت نيجيريا إنتاجها لترفع معدل امتثالها في حدود الحصص المقررة وبلغ انتاجها 1.51 مليون برميل يومياً في يونيو 2020، بانخفاض قدره 120 ألف برميل يومياً عن مستويات مايو 2020.في اجتماع أمس الأول، قررت دول «أوبك» وحلفاؤها رفع الإمدادات تدريجيا وتخفيف القيود إلى 7.7 ملايين برميل يومياً من 9.6 ملايين برميل يومياً. وفي الاجتماع، قال وزير الطاقة السعودي إن الصادرات من المملكة لن تزيد لأن نمو الإنتاج سيقابله زيادة في الطلب المحلي بنحو 0.5 مليون برميل يومياً.