إن طبيعة جائحة «كوفيد- 19» منقطعة النظير، والتطور السريع لها فرض العديد من التحديات للأسواق المالية في أنحاء العالم، الأمر الذي دفع عددا من الاقتصادات إلى التوقف التام، بينما تنشأ مخاطر متزايدة من الركود العالمي.

وتشير التقديرات المبكرة في واقع الأمر إلى احتمال انخفاض الناتج المحلي الإجمالي لمعظم الاقتصادات الكبرى بأكثر من 2 في المئة لهذا العام، إضافة إلى ذلك، فقد أثرت التدابير التي اتخذتها الدول للحد من تفشي الفيروس، مثل التباعد الاجتماعي والإغلاق الجزئي أو الكامل والقيود المفروضة على السفر المحلي والدولي، على سلاسل الإمداد التجارية والإيرادات والطلب بشكل كبير.

Ad

كما تضررت دول مجلس التعاون الخليجي بشدة، حيث شهدت انخفاض أسعار النفط بنسبة 60 في المئة بالربع الأول من عام 2020، ويرجع ذلك إلى انخفاض الطلب وارتفاع العرض.

وفي 22 أبريل، سجل سعر برميل النفط الخام الخاص بدول أوبك أدنى سعر إقفال يومي لهذا العام عند 12.22 دولارا، ويمكن قياس مستوى التأثير على سعر النفط من خلال النظر في متوسط السعر السنوي لبرميل النفط الخام لدول أوبك في عام 2019، والذي بلغ 64.05 دولارا.

بينما اتخذت حكومة الكويت عددا كبيرا من إجراءات التخفيف لاحتواء التباطؤ الاقتصادي، مثل إيقاف تحصيل أقساط القروض المصرفية لمدة تصل إلى 6 أشهر، وخفض سعر الخصم إلى مستوى تاريخي يبلغ 1.50 في المئة، تحتاج الشركات أيضا إلى اتخاذ إجراء استباقي التدبير للتغلب على التحديات الاقتصادية القادمة.

وعند قياس القيم العادلة للموجودات والمطلوبات، يتعين على المستثمرين توخي الحذر الشديد، نظرا لتقلبات السوق الحالية. وإلى هذا فقد أكد أنكول أجروال، شريك استشارات الصفقات في «كي بي إم جي الكويت»، الحاجة إلى بيانات عالية الجودة، وتقييم مجموعة من النتائج المحتملة لأداء التقييمات.

وأضاف أجروال أنه في هذه الأوقات غير المسبوقة، يوجد الكثير من العناصر المجهولة والأحكام التي يتعين اتخاذها، وبالتالي فإن الحصول على معلومات جيدة وحقائق وظروف محددة سيتيح لنا تدريجيا الوصول إلى تقييمات مدروسة بشكل أكبر. علاوة على ذلك، يتعين على الشركات تطبيق إجراءات وأنظمة لمراقبة البيانات عالية الجودة وتسجيلها (أي البيانات الموثوق بها وذات الصلة والمحدثة) بما في ذلك استخدام مجموعة من المصادر قبل الانتهاء من مجموعة البيانات أو التوصل إلى النتائج النهائية.

وبما أننا نتطلع إلى قياس القيمة العادلة خلال هذه الفترات المتقلبة، توصلت «كي بي إم جي» إلى رؤى السوق وبعض اعتبارات التقييم الرئيسية لدعم أعمالكم.

1. تقييم موضوع الأعمال: على الشركات تقييم تأثير الجائحة على أعمالها، من خلال تقييم نموذج الأعمال وطبيعة الإيرادات والمنتجات والخدمات والتدفقات النقدية ومدى الجدارة الائتمانية للعملاء ومستويات المخزون ومخاطر سلسلة التوريد والسيولة والملاءة المالية.

2. تحديث التدفقات النقدية المتوقعة: أثناء تحديد التدفقات النقدية، يتعين على الشركات النظر في إمكانية فقدان النمو الدائم و/ أو الشكل المحتمل ومدة التعافي، نظرا لأن التوقعات في هذه الأوقات غير المسبوقة يمكن أن تمثل تحديا مقارنة بالسوق المستقر، فإننا نوصي بإجراء تحليل السيناريو وتعديلات النموذج للتدفقات النقدية لمعرفة حجم التأثير.

3. تعديل معدل الخصم: على الشركات تعديل معدلات الخصم للعملاء بشكل مناسب وفقا لقدرتها على تحقيق التوقعات المحدثة. وذلك يعني أنه يجب على المؤسسات أن تحاول ألا تتأثر بالعوامل الاجتماعية أو الاقتصادية أو المالية، وأن تضع في اعتبارها تعديل معدلات الخصم حتى لا ينتهي بها الأمر إلى تكبد خسائر. إضافة إلى ذلك، أدت البيئة الاقتصادية غير المؤكدة بالفعل إلى زيادة مخاطر الائتمان والسيولة للعديد من الشركات، وقد تؤدي أيضا إلى مخاطر مكثفة أو جديدة كليا.

4. مراعاة الأفق الزمني للاستثمار: استثمارات الملكية الخاصة تتميز عادة بالآفاق الزمنية وتوقعات العائد. يتعين على المستثمرين تقييم الكيفية التي يمكن بها للأسواق الحالية تغيير أفق الاستثمار ومتطلبات العائد وتقييم التخارج والافتراضات. من الأهمية التأكد من إجراء مثل هذا التقييم على مدى فترة زمنية ثابتة، حيث قد يقع خلل في التقييم النسبي لأداء سوق الأسهم.

5. استخدام المضاعفات بحذر: إن تعديل قيم الملكية للأسهم غير المدرجة بناء على أداء السوق للشركات المماثلة المدرجة قد يقلل قيمة هذه الشركات. يجب استخدام الحذر بحيث لا يتم تطبيق «التراجع المزدوج» فيما يتعلق بمدخلات التقييم - إذا تم تعديل مقاييس الأداء لتأخذ في الحسبان انخفاض الأداء المتوقع، فينبغي تطبيق مضاعف مناسب بدلا من مضاعف مشتق من شركات عامة مماثلة لم تشمل نتائجها انخفاض الأداء المتوقع بعد.

بينما تواصل الشركات تطوير خطة عملها وتحديد طرق معالجة الاضطرابات الاقتصادية الحالية، فمن الأهمية بمكان تعيين مستشار، إذا لزم الأمر، يتمتع بالمهارات الفنية اللازمة والخبرة العملية لتقديم المشورة السليمة والموضوعية. وتوصل خبراء من «كي بي إم جي الكويت» إلى ثلاثة عناصر رئيسية لمساعدة الشركات على ضمان ممارسات تقييم قوية، وذلك من معرفة سيناريو السوق الحالي وما بعد ذلك.

يتعلق العنصر الأول بتكرار التقييمات. وفي هذا الصدد، أفاد أنكول أجروال بأنه «في الأوقات الحالية التي تتضمن تقلبات متزايدة، سيكون من المهم بالنسبة للمستثمرين اتباع أسلوب تكرار التقييمات بشكل أكبر، وهي التقييمات ربع السنوية (وليس السنوية فقط) وذلك حتى استقرار الأسواق». يُنصح أيضا بأن يبدأ المستثمرون عمليات إعادة التوقعات والتقييم مبكرا عما هو معتاد.

ثانيا، نظرا لأن التقييم يتم عادة تقديمه على شكل نطاق بدلا من تقدير محتسب بالنقاط، يجب على الشركات الأخذ بالاعتبار المكان الذي يتخذه تقدير النقاط في هذا النطاق، وربما يعكس الطرف الأدنى بشكل أفضل التجنب المتزايد للمخاطر من قبل المشاركين في السوق.

ويتناول العنصر الثالث التقارير المالية وتقييم الانخفاض بالقيمة. في مراجعات التدقيق/ العمليات المقبلة، ستخضع تقييمات الانخفاض في القيمة للتدقيق، وسيكون من الأهمية بمكان إثبات معقولية استخدام المعلومات المالية الأساسية. إضافة إلى ذلك، يتوقع مراقبو الحسابات من المستثمرين إظهار توازن مناسب لتقييم المخاطر بين معدل الخصم والتدفقات النقدية.

نعتقد في «كي بي إم جي» أنه يجب تقييم أي تعديل للقيمة على أساس كل استثمار على حدة، مع مراعاة عدد من العوامل. لقد حددنا أعلاه اعتباراتنا عند النظر في القضايا الرئيسية التي ستشكل مدى تأثير القيمة على الأصل/ الاستثمار، وكذلك الآثار المترتبة عليه. وختاما، فإنه أمر بالغ الأهمية للشركات أن تدرك الآثار المترتبة على الأزمة الحالية، وذلك لتستعد بشكل أفضل لأي حالات عدم تأكد مستقبلية قد تؤثر على أعمالها.