نشرت وزارة السياحة والآثار مجموعة من الصور تظهر اليوم الأول لإعادة فتح المتحف المصري في التحرير (وسط القاهرة) مطلع يوليو الجاري، مما أثار موجة جدل واسعة، حيث ظهر بعض رواد المتحف يقفون على مقربة من القطع الأثرية النادرة، ويلتقطون لها صورا بهواتفهم المحمولة.وهذا التصرف انقسم حوله متابعو "الـسوشيال ميديا" والعلماء المتخصصون في الآثار وعلم المصريات، فقد عبر رواد مواقع التواصل عن دهشتهم، من منطلق أن التصوير يضر بالآثار، خصوصا في حال عدم التزام الزائر بعدم استخدام وميض الكاميرات "الفلاش"، حيث قال أحدهم، في صفحته بموقع فيسبوك، "ما رأيناه مثير للدهشة، فمن المعروف أن التصوير يؤثر في القطع الأثرية ويبدد ألوانها بمرور الوقت بسبب استخدام (الفلاش)".
في حين نشر آخر صورة لشخص موجها كاميرا هاتفه المحمول نحو قناع الملك توت عنخ آمون، من مسافة قريبة جدا ومن دون التزام الوقوف في نقاط التباعد المحددة على الأرض، وغرّد قائلا: "أخشى من تزايد عدد الإصابات بفيروس كورونا في ظل عدم التزام قواعد التباعد، كما أنني قرأت ذات مرة أن التصوير في المتاحف حول العالم ممنوع لأنه يسهل على لصوص الآثار معرفة تفاصيل القطعة الأثرية، وبالتالي يمكنهم سرقتها أو حتى صنع نسخة مقلدة أو مستنسخة وسرقة القطعة الأصلية ووضع المزيفة مكانها".بدورها، استطلعت "الجريدة" رأي المرشد السياحي وعالم المصريات المعروف بسّام الشماع في هذه المسألة، حيث قال إنه خلال السنوات الماضية، طوال حقبتي الثمانينيات والتسعينيات، اختلفت قرارات وزارة الآثار في هذا الشأن، مبينا أن "التصوير، سواء الفوتوغرافي أو الفيديو، كان مسموحا به مقابل رسوم معينة، وصلت في وقت ما إلى مبلغ كبير جدا، رغم أن المتحف البريطاني، الذي يضم نحو 8 ملايين قطعة أثرية، الدخول إليه مجاني، ولا يوجد شباك تذاكر من الأساس".وأضاف الشماع: "في فترة لاحقة يبدو أنه تم التساهل في مسألة استخدام الكاميرات، حيث كان يُسمح لنا كمرشدين حتى فترة قريبة باستخدام الكاميرات أو التصوير بالهواتف داخل المتحف المصري، باستثناء بعض الغرف، ثم تم منع التصوير بالكاميرات بسبب (الفلاش)، والسماح فقط بالتصوير بالهواتف دون وميض، حيث يرى البعض أن الوميض الضوئي يؤثر سلبا في القطع الأثرية وألوانها، لكن الحقيقة أن هذا الرأي لم يحسم علميا".وتابع: "أؤيد فكرة السماح بالتصوير داخل المتاحف والأماكن الأثرية دون استخدام الفلاش، إلى أن يحسم الأمر العلماء المتخصصون، ومن المهم أيضا وضع أسيجة حول التماثيل للحؤول دون اقتراب أي شخص منها بما يشكل خطرا على الأثر مع التأكيد على وضع علامة إرشادية عليها عبارة ممنوع اللمس".
زهرة الخشخاش
وأردف الشماع: "أما مسألة أن يتعرض الأثر للسرقة بسبب نشر صور له فهذا أمر مستبعد، لكنه في الوقت نفسه ليس مستحيلا"، ضاربا المثل بسرقة لوحة زهرة الخشخاش قبل سنوات من داخل متحف محمود خليل وحرمه.واستدرك: "كما أن المتحف البريطاني اعترف من قبل بوجود قطعة مزيفة كانت معروضة لديه، وهو تمثال من الحضارة المصرية القديمة للملكة تيتي شيري، لكن عموما لا أعتقد أن تصوير الأثر يساعد على سرقته أو استبداله بآخر، خصوصا أن صور القطع متاحة بالفعل على المواقع الرسمية ويمكن الاطلاع عليها بسهولة والتعرف إلى كل تفاصيلها".وزاد: "أشجع على قيام مجموعات من الشباب بتصوير القطع الأثرية ونشرها عبر مواقع التواصل، ترويجا للسياحة في مصر، شريطة أن تكون المعلومات المنشورة عن كل قطعة دقيقة، من خلال الرجوع إلى المصادر الموثوقة".يذكر أن المجلس الأعلى للآثار المصرية أصدر قرارا بالموافقة على التصوير المجاني بالهواتف المحمولة للزائرين داخل المتاحف والمناطق الأثرية، في جميع أنحاء مصر، منذ مطلع أغسطس 2019.تشجيع السياحة
من جانبه، قال الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار مصطفى وزيري إن القرار جاء حرصا من وزارة الآثار على الترويج للحضارة المصرية وتشجيعا للسياحة، لافتا إلى أنه يُراعى عدم استخدام فلاش الهواتف أثناء التصوير داخل جميع المتاحف والمقابر الأثرية ومعبدي أبوسمبل.وذكرت المديرة العامة للمتحف المصري صباح عبدالرازق ان السماح بالتصوير في المواقع والمتاحف الأثرية يسهم في زيادة الدعاية للقطع الأثرية والحضارة المصرية القديمة، مبينة أن زائري المتحف بإمكانهم التقاط الصور التذكارية بجانب القطع الأثرية المعروضة، ونظرا لانتشار مواقع التواصل بشكل كبير فسيقومون بنشر هذه الصور على المواقع، مما يساعد على عمل دعاية لهذه القطع.وأشارت عبدالرازق إلى أن التصوير بكاميرا الهاتف سُمِح به مع عدم استخدام "الفلاش"، كما أنه يُمنع التصوير داخل القاعات الممنوع فيها التصوير، مثل قاعة المومياوات وتوت عنخ آمون.