وسط التصعيد المستجد بادلب، وتحت وطأة عقوبات «قانون قيصر» الأميركي الذي يمنع عملياً إعادة الإعمار، تستعدّ سورية بعد غد لانتخاب مجلس شعب جديد في استحقاق يتزامن مع مرور عشرين عاماً على تولي الرئيس بشار الأسد الرئاسة، أمضى نحو نصفها وسط نزاع دام فاقمته عقوبات غربية وأزمات معيشية متلاحقة.

ويخوض 2100 مرشحّ، بينهم رجال أعمال بارزون مدرجة أسماؤهم على قائمة العقوبات الغربية، سباق الوصول إلى البرلمان، في استحقاق يجري كل أربع سنوات، ودائماً ما يفوز حزب البعث الحاكم الذي يترأسه الأسد بأغلبية المقاعد.

Ad

وفي ثالث انتخابات تُجرى بعد اندلاع النزاع في مارس 2011، يتوجه السوريون في الداخل فقط دون الخارج للإدلاء بأصواتهم في 7313 مركزاً في مناطق سيطرة الحكومة ومراكز اقتراع للنازحين خارجها.

وفي شوارع دمشق وريفها، انتشرت صور لمرشحين كثر بينهم عن محافظتي الرقة الخاضعة لسيطرة فصائل كردية وإدلب الواقعة تحت سيطرة فصائل جهادية، بعدما أعلنت اللجنة القضائية فتح مراكز انتخابية لمواطني المحافظتين.

وخصّصت محافظة حلب سبعة مراكز لأبناء إدلب، وثلاثة للنازحين من الرقة. كما خصّصت مراكز مشابهة في محافظات حماة وطرطوس واللاذقية ودمشق.

ولا يمكن للسوريين بالخارج، وبينهم ملايين اللاجئين المشاركة في الاقتراع. ويضم مجلس الشعب 250 مقعداً، نصفهم مخصص للعمال والفلاحين، والنصف الآخر لباقي فئات الشعب.

وتشهد سورية منذ نحو عشر سنوات، أي نصف ولاية الرئيس الأسد تقريباً، أسوأ أزماتها الاقتصادية والمعيشية، تترافق مع انهيار قياسي في قيمة الليرة وتآكل القدرة الشرائية للسوريين الذين يعيش الجزء الأكبر منهم تحت خط الفقر.

وتولى الأسد الرئاسة في 17 يوليو 2000 خلفاً لوالده حافظ الذي حكم بقبضة من حديد طيلة 30 عاماً. وفي العقد الأول من ولايته، قاد الرئيس الشاب سياسة انفتاح اقتصادي، إلى أن واجه حركة احتجاجات عام 2011، تحولت إلى نزاع دامٍ خسر في سنواته الأولى السيطرة على محافظات بأكملها.

وبفضل دعم حليفين أساسيين، روسيا وإيران، استعاد الأسد تدريجياً الجزء الأكبر من سورية، وبات اليوم يسيطر على أكثر من 70 في المئة منها وتضم أغلبية المدن الرئيسية.

ومقابل التقدم الميداني، اشتدت على مر السنوات العقوبات الأميركية والأوروبية، آخرها قانون قيصر الذي يفرض عقوبات مالية على مسؤولين ورجال أعمال سوريين وكل أجنبي يتعامل مع دمشق، وينصّ على تجميد مساعدات إعادة الإعمار.

ويرى المحللون أنه رغم أن بشار نجا بعد نحو عشر سنوات من الحرب، فإن تكلفة نجاته كانت كبيرة جداً.

وخلال سنوات الحرب قُتل عشرات الآلاف من المواطنين وتشرد الملايين، وتدمرت البلاد وبنيتها التحتية واقتصادها إلى حد كبير. كما أصبحت البلاد ساحة للتدخلات الخارجية وحروب الوكالة. ويؤكد سام داغر، الأميركي اللبناني، مؤلف كتاب «الأسد أو نحرق البلد» أن «ثمن نجاة (الأسد) كان مدمراً».

وفي تحدّ للقانون الأميركي، واصلت روسيا دعم الأسد عسكرياً، وزودته مطلع الشهر الجاري بـ 12 طائرة جديدة من طراز «ميغ 29».

في الأثناء، كشفت مصادر في المعارضة أن القوات الروسية والسورية بدأت بإرسال تعزيزات عسكرية من ريف دمشق وحمص إلى محافظة إدلب تمهيداً لعمل عسكري محتمل بعد الانتخابات، موضحة أن هذه الحشود تشمل «الفيلق الخامس» ووحدات روسية خاصة للضغط على تركيا.