هدأت الحركة السياسية في لبنان أمس، بعدما عصفت على مدى أسبوع بـ«حراك البطريرك» ودعوته إلى الحياد وارتداداته. وبدت المقار الرئاسية في حال من الترقب لما ستفضي إليه سلسلة محطات مهمة بدأت أمس، مع زيارة رئيس الحكومة حسان دياب الأولى من نوعها إلى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في مقره الصيفي بالديمان، تليها محطة فرنسية الأربعاء المقبل مع وصول وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت على أن يمكث فيها حتى الجمعة، ناقلاً رسائل فرنسية ودولية إلى الرؤساء والمسؤولين لاسيما ما يخص حثّ الدولة على ترتيب أمورها والإقلاع في الإصلاحات.

ولا تزال الدعوة إلى تحييد لبنان التي أطلقها الراعي تحتل صدارة السجالات السياسية.

Ad

وعن هذا الأمر، قال دياب بعد لقائه الراعي في عبارة تحمل تأويلات عدة إن «موضوع الحياد موضوع سياسي بامتياز وصاحب الغبطة جامع الكل في لبنان وهذا الموضوع بحاجة إلى حوار سياسي عميق من الجهات السياسية كافة».

ورأى البعض أن دياب انتقد بذلك حراك البطريرك، معتبراً أن السياسيين وليس رجال الدين يجب أن يكونوا معنيين بهكذا قضايا. لكن تفسيراً آخر أصر على أنه لا يمكن لأي كان أن يتجاهل الدور السياسي التاريخي للبطريركية وأن الأخيرة تتحرك بدافع الهم الوطني ولا يجوز الرد عليها بأنها تتعاطى في السياسة.

وفي «لازمة» بدا أن جميع حلفاء «حزب الله» يرددونها تلقائياً لدة سماعهم كلمة «الحياد» وقالها رئيس الجمهورية ميشال عون نفسه معلقاً على دعوة الراعي، قال دياب: «نحن محكومون بالدستور والطائف وإسرائيل عدوة وتنتهك السيادة اللبنانية كل يوم»، ولذلك «لا بد من حوار في هذا المجال، لنكون على الصفحة نفسها بما يعنيه الالتزام بهذا الموضوع».

وإذ أصر على أن حكومته «ليست حكومة حزب الله»، ختم دياب بتوصيف ما تعيشه البلاد من أزمات بالقول: «الذي يحدث اليوم هو أن موجة قوية من الداخل والخارج تضر ليس بالحكومة بل بلبنان، وهذا الموضوع لا يسقط الحكومة بل لبنان، ولن أستقيل لأنني إذا استقلت لن يكون البديل موجوداً بسهولة وتصريف الأعمال فترة طويلة جريمة بحق لبنان».

من ناحيته، قال الراعي، «إننا بلد حيادي بالأساس والميثاق الوطني ينص على الحياد والانفتاح على جميع البلدان إلا إسرائيل»، مشيراً إلى أن «خلاصنا بالحياد وهو السبيل لنعيش البحبوحة مجدداً، ونحن نعيش في باخرة واحدة وهذا باب الحل والخلاص».

وأضاف الراعي أنه «ستكون هناك مؤتمرات حوار لأجل تبديد كل التفسيرات، فما نحن بصدده هو الحياد بمفهوم وطني وقانوني ويجب ألا يفهم كل شخص الحياد على طريقته»، مؤكداً أن «الهجوم الشخصي عليه لا يؤثر فيه فهو يقول الحقيقة ويقوم بواجبه».

وكانت حسابات تعتبر منتمية الى ما يسمى الجيش الإلكتروني لحزب الله شنت هجمات لاذعة ومسيئة للراعي بعد أن انتقد حزب الله في خطوة رحب بها خصوم الحزب.

«اليونيفيل»

وسط هذه الأجواء، وفي ظل الحديث عن سعي أميركي لتعديل مهام «اليونيفيل» في أغسطس المقبل، كانت لافتة زيارة السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا إلى مركز القوة الدولية في الجنوب لمساعدتها على فهم أفضل لقضايا وتعقيدات مهمة اليونيفيل على الخط الأزرق ودورها.

وقالت مصادر سياسية متابعة، إن «الإدارة الأميركية قد تتخذ موقفاً بوقف التمويل وعدم تسديد حصتها في الموازنة المقدرة بـ60 في المئة من أصل المبلغ (800 مليون دولار سنوياً) تحت عنوان إذا كان الجيش واليونيفيل غير قادرين على تنفيذ القرار لجهة منع السلاح في جنوب الليطاني بعدما تبين أن الحزب ضاعف من قدرته الصاروخية على الحدود، فلماذا تدفع الأموال؟» وأضافت: «الجيش يجب أن يقوم بما هومطلوب منه تنفيذاً للقرار 1701».