رياح وأوتاد: الكويت 109... هل سنثبت أم نتنازل؟
![أحمد يعقوب باقر](https://www.aljarida.com/uploads/authors/125_1701277800.jpg)
وقد يستدعي الحفاظ على أمن البلد عدم دخوله في منازعات إعلامية مع جيرانه أو دول أخرى فيحظر نشر ما يسيء إلى تلك الدول وقادتها، لكي لا يؤدي ذلك إلى الإساءة إلى الكويت وقيادتها، مثل ما منع الله تعالى المؤمنين من سب آلهة المشركين لكي لا يقوم أولئك بسب الله تعالى: "وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ".وكذلك قد تجرم الدولة كل ما يؤدي الى الفتنة بين أبنائها مثل التعصب والاستهزاء الطائفي أو القبلي وكل الأشكال المؤدية إلى الفرقة والتطاحن، ولنا في ما حدث في لبنان عبرة، وهو قد احتل مرتبة متقدمة عن الكويت في حرية الصحافة فهل أفاده ذلك؟ كل هذه ضوابط شرعية وأخرى اجتماعية وسياسية قد تقتضيها مصلحة الدولة واستقرارها السياسي والأمني وكرامة أبنائها والسلم الاجتماعي فيها، ومن الخطأ فرض قيم ومقاييس مختلفة عليها، وشخصيا أزاول الكتابة في الصحف الكويتية منذ نصف قرن، بالإضافة إلى مئات المقابلات التلفزيونية والإلكترونية، ولم أجد في هذه الضوابط ما أعاقني يوماً عن التعبير عن رأيي بكل حرية، وأحيانا بنقد لاذع ولكن في حدود الشرع والقانون.وحتى الدول التي تزعم أنها تتمتع بقمة حرية الرأي نجد أنها وضعت القوانين المقيدة حسب قيمها الخاصة، ففرنسا مثلاً لا تسمح بحرية التعبير في التقليل مما تؤمن به من فظائع الهولوكوست والإبادة في أرمينيا، بل حرمت ارتداء الحجاب في جميع المؤسسات والجامعات والمدارس.والغريب أن بعض من أساء إلى الدين أو تمرد على قوانين الكويت ذهب ليشتكي على الكويت في بعض المحافل الدولية التي لا تقيم وزنا لقوانيننا وقيمنا، كما أن معاييرهم الإعلامية مختلفة تماماً عن معاييرنا، وعملهم هذا أشبه بالذي يحكم على أخلاق الإسلام وأزياء المسلمات بواسطة المعايير العلمانية.وللأسف فإن كثيراً من الكتّاب وصناع القرار في بلادنا أصبحوا مهووسين بمعايير تلك المنظمات ويحاول بعضهم تغيير قوانين الإعلام في بلدنا لتتوافق مع تلك المعايير المخالفة للشرع والقيم الكويتية، ولا أستبعد إذا تم ذلك التغيير أن تزداد نسبة الجرائم والشتائم والصدامات التي لا تحمد عقباها في بلدنا الصغير.وقبل أيام صرح رئيس لجنة الثقافة والتربية والإعلام في مجلس الأمة أن اللجنة تتجه إلى إلغاء عقوبة السجن عن كل الجرائم ما عدا الذات الإلهية، وهذا خطأ فادح، وهو نتيجة للتأثر بهذه المطالبات والمعايير الغربية، لأن عقوبة السجن جزاء التطاول على الذات الإلهية والأنبياء والصحابة وذات سمو الأمير نابعة، كما بينا، من الشرع والمصلحة العامة، لذلك فهي يجب أن تبقى رادعة وزاجرة لأهميتها في الحفاظ على أمن واستقرار البلاد وعدم استبدالها بالغرامة، خصوصا ونحن نلاحظ أن هناك من هو مستعد لدفع الغرامات الباهظة من أجل زعزعة أمن الكويت واستقرارها.أما الإساءة إلى الدول الشقيقة فقد بينت المحكمة الدستورية أن الأعمال العدائية تجاه الدول الشقيقة التي يحكم بها بالسجن يجب أن تكون أفعالاً عدائية مادية وليس بالنقد والتجريح بالكتابة، وهي التي تستحق الغرامة فقط، فلماذا لا تكون العقوبة في هذا الموضوع بالذات هي الغرامة الكبيرة التصاعدية بدل السجن ما دامت في إطار الكتابة التي لم تتحول إلى أفعال عدائية مادية؟وختاماً فإن قوانين المطبوعات والنشر والمرئي والمسموع والجرائم الإكترونية في بلادنا، بالإضافة إلى قدر كبير من حرية النقد والتعبير، تحظر نشر كثير مما يخالف ديننا وقيمنا وخصوصياتنا وكرامة أبناء وطننا، فهل سنحافظ ونثبت عليها أم سنتنازل عنها بلا حدود؟