ابتهال الشيخ توثق محنة فيروس كورونا بلوحات تشكيلية

ترسم على الكمامات وتستعد لمعرض فني خاص بالجائحة

نشر في 20-07-2020
آخر تحديث 20-07-2020 | 00:01
بلمسات فنية، تسعى الفنانة المصرية ابتهال الشيخ، عضوة نقابة الفنانين التشكيليين، إلى نشر التوعية بمخاطر فيروس كورونا المستجد عبر الرسم، فاتخذت من موهبتها وسيلة لحث الجميع على ارتداء الكمامات الواقية، والتوعية بخطر «كوفيد ـ 19»، في حين تعتزم إقامة معرض خاص عن الجائحة بعد انتهائها لتوثيق هذه الفترة الزمنية.
وفي حوارها مع «الجريدة»، تحدثت ابتهال عن رسوماتها ولوحاتها في مواجهة الفيروس، وكيفية استثمار فترة العزل الإجباري، ودور الفن والفنانين وقت الأزمات، وإليكم نص الحوار:
• كيف بدأت فكرة تناول جائحة كورونا فنياً؟

- بدأت الفكرة أثناء وجودي في المنزل تحت الحظر، وفكرت في استغلال موهبتي بأن أرسم عدداً من اللوحات الفنية، كي أبعث من خلالها رسالة بضرورة ارتداء الكمامات، والحث على توعية الجميع والتحذير من مخاطر فيروس كورونا المستجد ، لأنه من المهم نشر التوعية حول طرق السلامة والوقاية، فاللوحات تركز على التوعية بفيروس كورونا وخطورته وأهمية الوعي به.

• كيف تنظرين إلى تجربة الرسم بالمنزل؟

- ما نعيشه وسط جائحة كورونا تجربة استثنائية، تضفي المزيد من التأمل على لوحاتي، وخلال الفترة القادمة سأنظم معرضاً خاصاً لهذه اللوحات بعد أن تمر هذه الجائحة بسلام، ولكي أوثق هذه الحقبة الزمنية الصعبة التي أثرت على الجميع، وباتت كابوساً يصبح ويمسي عليه جميع سكان العالم.

كمامات ملونة

• لمَ الرسم على الكمامات؟

- لأنها الأداة المستخدمة الواضحة فى مواجهة كورونا، فقد قررت الرسم على الكمامات الطبية كطريقة لتذكّر هذه المرحلة مستقبلاً، فالفن وسيلة للتحفيز ورفع المعنويات خلال هذه الأيام الصعبة.

• ومارؤيتك لدور الفنان التشكيلي وقت الأزمات؟

- تسخير الفنون في وقت الأزمات له تاريخ طويل في مواكبة الأحداث، وإعطاء جانب مشرق وبصيص من الأمل للمجتمع مع تثقيفه بالفن، ودائماً الفنان المعاصر مشغول بدمج الواقع الذي يعيشه بالفن، ولا يخفى على أحد مدى تأثير جائحة كورونا وما ألقته من ظلال قاتمة على جميع دول العالم وما قامت به تلك الدول من إجراءات احترازية، فأصبحت التوجيهات الصحية في التباعد الاجتماعي والعزل المنزلي لازمة حفاظاً على الصحة العامة، فقد ولد لدينا عالم جديد ملتزم بالوقاية.

دور الفن

• وما دور الفن تجاه المجتمع؟

للفن دور كبير في توعية المجتمع، فعن طريق الفن والأعمال الفنية المتنوعة نحاول أن نوعي أفراد المجتمع بأن هذه الأزمة هي أزمة العام بأكمله، وكل فنان يسعى ويجتهد إلى تقديم كل ما بوسعه من أجل توعية المجتمع وأفراده، وممارسة الفن في ظل هذه الظروف هي أفضل وسيلة لنشر التوعية وأهمية الوقاية للحد من انتشار هذا المرض.

ونحن اليوم نعيش ظروف مختلفة، تجبر الكثير منا على إعادة التفكير ومراجعة الذات، وفي هذه الأزمة الكل مسؤول.

المباشرة الفنية

• هل أنت مع التسجيل اللحظي للأحداث فنياً؟

- الفن المعبر بطريقة مباشرة عن كورونا هو فن لحظي، قصير العمر، لكن الأهم هو تسجيل الشحنة الانفعالية التي طرأت على العالم أجمع كل بأدواته وأسلوبه وإحساسه، فمن لديه جملة حقيقية سيسجلها على المسطح التصويري أو القطعة النحتية، وأن الغرض الأساسي من ذلك العمل هو نشر البهجة، خصوصاً أننا سنرتدي الكمامات لمدة غير محددة مع التباعد الاجتماعي، ولابد من أن يطوع الجميع موهبتهم لخدمة المجتمع، فالفن شريك أساسي في التنمية.

العمل الفني

• وكيف ترين فترة التباعد الاجتماعي للفنان؟

- نحن نعيش مرحلة صعبة ومليئة بالضغوط النفسية من انتشار ذلك الفيروس، والذي دفع كثيراً من التشكيليين للتعايش مع فن العزلة من خلال معارض «أونلاين» وسط إغلاق قاعات العرض التشكيلية كإجراء وقائي، ومن هنا أصبحت هناك حالة من التفاعل الكبير مع العمل الفني عبر وسائل التواصل الاجتماعي من جانب الفنان والمتلقي، كما أن الفنان التشكيلي دوماً يهتم بأن يحمل رسالة تعني بجماليات العمل الفني، كما يهتم بالمضمون، الذي يحمله العمل الفني، من خلال تعايشه مع البيئة والتراث الحضاري، والانفتاح على الحضارات والفنون العالمية الأخرى، ومن واجب الفنان تجاه مجتمعه القيام بتخفيف هذه العزلة بقضاء وقت ممتع له، من خلال المشاركة في الفعاليات التي يتم تنظيمها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بجانب عدم التوقف عن ممارسة الفنون بجميع اشكالها مثل الرسم أو الخزف أو الطباعة أو إعادة تدوير الأشياء وتصنيعها والإبتكار فيها، والأفكار التي يُمكن تطبيقها لتحفيز الجميع على ارتداء الكمامة برسم بعض الشخصيات المحبوبة لديهم.

ريشة وألوان

• هل ترين فترة العزل فرصة للإبداع؟

- عصر الكورونا والعزلة التي فرضتها على البشرية أعطى فرصة كبيرة للفنان التشكيلي للتأمل والمعايشة وقضاء وقت أكبر في عالمه الخاص، وخلال فترة العزل نبت في القلب حوار مع الوجدان، لأرسم لوحات أحلق من خلالها على العالم من حولي، حيث النظر للطبيعة والتعمق بها، والفنان دوماً يحمل رسالة مضمونها «نحن هنا»، وكل صعب سيمر، وذلك بالعزف على الأوتار أو بريشة وألوان، اختلفت الطرق لكن الهدف واحد في القضاء على الخوف في مختلف أرجاء العالم.

• مارأيك في أعمال فنانين مصريين وعرب تناولوا الجائحة أخيراً؟

- أرى أن فكرة التعامل مع الجائحة مازالت في مرحلة التكوين بذهن كثير من الفنانين والأعمال التي تم إنتاجها في الفترة الأخيرة أو ما سيتم إنتاجه لاحقاً، سوف نرى انعكاس جائحة كورونا على هذه الأعمال بشكل أو بآخر.

الأوبئة عبر التاريخ

تناولت ابتهال الشيخ عبر حسابها على موقع التواصل الإجتماعي «فيسبوك» الجائحة في عقول الفنانين عبر التاريخ، وسلطت الضوء على مجموعة من اللوحات الزيتية لفنانين عالميين وناقشت قضية الأوبئة.

وقالت: «باتت قضية وباء كورونا المنتشر في هذا العصر تسري في أذهان كل سكان المعمورة وتهددهم، فلم تترك أحداً على وجه الأرض إلا زحفت إليه تلتوي من حولة كمجموعة من الأشباح تحيط بنا، لا ندرك أسبابها ولا علاجها ولا من أين أتت بالتحديد، أو إن كانت مؤامرة أم إرادة الطبيعة والقدر».

وأضافت أن سجلات التاريخ باتت توثق أحداثاً يشيب من هولها الوِلدان، وتم تدوين مئات الكتب التي تحدثت عن المآسي في الجوائح التي دمرت العالم، مشيرة إلى أنه كان للفنان دور مهم في ترك البصمة وتوضيح الرؤية البصرية من خلال توصيل ما رأت عيناه من آلام ودمار أحدثتها هذه المخلوقات المجهرية عن طريق إبداع فكري مدمج بعقلية خيالية ورؤية فلسفية أو دينية، وهذه وظيفته وهذا ما كان يقدمه الفنان التشكيلي قبل ظهور الكاميرات والتقدم التقني، واللوحات التشكيلية كانت الوسيلة الأقرب لتصوير الأحداث وتسجيل اللحظة وتوثيقها ولنقل الأحداث للجيل القادم ولنشر الوعي والحذر. وذكرت الشيخ نماذج مختلفة، منهم الفنان روبرت فاليت الذي رسم لوحة «وباء مارسيليا» عام 1665 الذي تفشى في أوروبا حتى قضى على سدس سكانها، وعند وصوله الى لندن خطف ما يقارب 65000 من سكانها، حتى تم تسمية هذه الكارثة من قبل المؤرخين بوباء لندن.

back to top