على وقع تراجع ملحوظ في نسبة الإقبال اقتراعاً وترشحاً على حد سواء، أدلى السوريون أمس، بأصواتهم في انتخابات مجلس الشعب بدورته الثالثة لاختيار 250 عضواً، نصفهم عمال وفلاحون، من بين نحو 1650 مرشحاً ومرشحة بينهم رجال أعمال بارزون مدرجة أسماؤهم على قائمة العقوبات الغربية.

ووسط عقوبات اقتصادية وأزمات معيشية وخدمية وعد المرشحون بإيجاد حلولها، توجه الناخبون للتصويت، في ثالث انتخابات تشريعية منذ اندلاع الحرب عام 2011، عبر 7313 مركز اقتراع في مناطق سيطرة الرئيس بشار الأسد وأخرى لنازحين من مناطق لا تزال خارج سيطرته، ومنها محافظتا الرقة ودير الزور الخاضعتين للإدارة الكردية وقوات سورية الديمقراطية (قسد)، وإدلب الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة بقيادة "جبهة النصرة" سابقاً.

Ad

ووسط إقبال محدود اقتصر أغلبه على الدوائر الحكومية، أدلى الأسد، الذي احتفل قبل يومين بمرور 20 عاماً على توليه السلطة خلفاً لوالده حافظ، وعقيلته أسماء الأخرس بصوتيهما في المركز الانتخابي بوزارة شؤون رئاسة الجمهورية.

كما أدلى رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس ووزير الخارجية وليد المعلم بصوتيهما في الانتخابات بالمركز الانتخابي في مبنى وزارة الخارجية.

واعتبر المعلم أن هذا الاستحقاق الدستوري، الذي رفضته المعارضة والمجتمع الدولي، يؤكد أن "سورية مصممة علي ممارسة سيادتها الوطنية ورفض أي تدخل خارجي في شؤونها وكذلك إحدى الخطوات المطلوبة لإعادة الإعمار"، مشدداً على أن "الشعب عازم على تحرير الأرض من الإرهاب ومن كل وجود أجنبي غير شرعي".

ورغم الشائعات الواسعة الانتشار عن اعتقاله إثر إعفائه من منصبه، ظهر رئيس حكومة السابق عماد خميس وهو يدلي بصوته في انتخابات البرلمان، الذي من المتوقع أن يفوز حزب "البعث" وحلفاء الأسد بأغلبية مقاعده لولاية مدتها أربع سنوات.

وتأتي الانتخابات، التي يرجح إعلان نتائجها الرسمية غداً، في خضم أزمة اقتصادية فاقمها دخول العقوبات الأميركية الجديدة بموجب "قانون قيصر" على شخصيات رئيسية في الحكومة السورية حيز التنفيذ الشهر الماضي.

ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية صيف 2021، في استحقاق يجري كل سبع سنوات، تشهد سورية منذ نحو 10 سنوات أسوأ أزمة معيشية، تترافق مع انهيار قياسي في قيمة الليرة وتآكل القدرة الشرائية للسوريين، الذين يعيش الجزء الأكبر منهم تحت خط الفقر.

واشتدت على مر السنوات العقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة على دمشق، وصولاً إلى "قانون قيصر" الذي تعد إجراءاته الأكثر قساوة عليها.

ووفق تقديرات برنامج الأغذية العالمي، يعاني حالياً نحو 9.3 ملايين سوري انعدام الأمن الغذائي، كما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة تفوق 200 في المئة.

ويتولى مجلس الشعب، الذي دائماً ما يفوز حزب البعث الحاكم برئاسة الأسد بأغلبية مقاعده في غياب أي معارضة فعلية على الأرض، السلطة التشريعية من خلال إصدار المراسيم وإقرار الموازنة العامة وإعلان الحرب والسلم وتصديق المعاهدات الخارجية كما يمارس سلطة رقابية على الحكومة من خلال مساءلة الوزراء وحجب الثقة عن أحدهم أو عنها برمتها.

وينتخب البرلمان المقبل في أول جلسة يعقدها رئيساً له، وتتحول الحكومة عندها إلى تسيير الأعمال، إلى حين تعيين الأسد رئيساً جديداً للوزراء يكلف بتشكيل حكومة جديدة.

وفي أحد مراكز التصويت في شارع بغداد في دمشق، وضع جميع الموظفين كمامات صحية في إطار إجراءات التباعد الاجتماعي التي اتخذتها الجهات المنظمة للاقتراع للوقاية من فيروس كورونا المستجد.

وفي حين لا يمكن للسوريين في الخارج وبينهم ملايين اللاجئين، المشاركة في الاقتراع، منعت الإدارة الذاتية الكردية الانتخابات في مناطق سيطرتها شمال سورية.

من جهته، اعتبر ائتلاف المعارضة أن "أي انتخابات تجرى في مناطق سيطرة النظام لا شرعية"، مؤكداً أنها "مسرحية تتم تحت قبضة أمنية عسكرية". وعشية الانتخابات، أدى انفجاران في دمشق إلى مقتل شخص وجرح آخر.