«S&P»: لا بديل عن زيادة الإنفاق الحكومي لتجاوز فيروس كورونا

بعد ليلة متوترة في بروكسل... استئناف المحادثات الأوروبية بشأن حزمة إنقاذ الاقتصاد

نشر في 21-07-2020
آخر تحديث 21-07-2020 | 00:00
تحية قبل استئناف محادثات أمس        (رويترز)
تحية قبل استئناف محادثات أمس (رويترز)
تمحورت المحادثات حول خطة إنعاش لما بعد «كوفيد 19» بقيمة 750 مليار يورو (860 مليار دولار) يمولها قرض مشترك.
يرى كبير الاقتصاديين عن منطقة آسيا والمحيط الهادئ في وكالة "ستاندرد آند بورز" شوان روتشي أنه لن يكون هناك خيار أمام الحكومات سوى زيادة الإنفاق في العام المقبل لدعم الأسر والشركات في ظل مواصلة فيروس "كورونا" الضغط على الاقتصاد العالمي.

وقال "روتشي" في مقابلة مع شبكة "سي إن بي سي": "نرى أن بعض صناع السياسة النقدية يفكرون في التراجع عن بعض التدابير أو عدم تجديدها"، محذراً من خطورة تلك الخطوة في الوقت الراهن مع ضعف الطلب العالمي.

وأضاف روتشي: "لذلك فنحن نأمل ونتوقع أن نرى قراراً بتجديد تلك التدابير لتمتد حتى العام المقبل، وقد يعني ذلك تطبيق المزيد من التيسير النقدي إذ لا يوجد بديل في الوقت الراهن".

ورغم توقعات "روتشي" بأن تتسبب زيادة الإنفاق في تدهور ميزانية الحكومات، لكنه يرى ذلك ضرورياً لمنع تدهور الأمور على نحو أكبر.

وعلى صعيد ذي صلة، استأنف قادة الاتحاد الأوروبي مفاوضاتهم المرتبطة بحزمة ضخمة لإنعاش الاقتصاد بعد أزمة "كوفيد 19" أمس.

وقال باريند ليتس المتحدث باسم رئيس المجلس الأوروبي الذي استضاف القمة شارل ميشال على "تويتر"، إن القادة الـ27 استأنفوا محادثاتهم بعد ليلة كاملة من النقاشات التي جرت على مستوى مجموعات أصغر وسادها التوتر أحياناً.

ووصل قادة الاتحاد الأوروبي إلى طريق مسدود السبت الماضي بشأن حجم خطّتهم الضخمة وبنودها إذ فشلوا في تجاوز المعارضة الشديدة من الدول "المقتصدة"، على رأسها هولندا.

وتمحورت المحادثات حول خطة إنعاش لما بعد "كوفيد 19" بقيمة 750 مليار يورو (860 مليار دولار) يمولها قرض مشترك.

وقال رئيس الوزراء الهولندي مارك روته أمس، إن زعماء الاتحاد الأوروبي حققوا تقدماً نحو التوصل لاتفاق على خطة لإنعاش الاقتصادات التي تضررت من جائحة "كوفيد-19" لكنه حذر من أنه ما زال من الممكن انهيار المحادثات.

وقال روته للصحفيين في بروكسل: "أحياناً لم يكن الأمر يبدو طيباً الليلة الماضية، لكني أشعر أننا عموماً نحقق تقدماً".

وواجه زعماء الاتحاد الأوروبي طريقاً مسدوداً أمس، بعد مباحثات على مدى ثلاثة أيام بشأن هذه الخطة مع وصف شارل ميشيل رئيس القمة هذا العمل بأنه "مهمة مستحيلة".

وتميزت محادثات، أمس الأول بخطاب ماكرون خلال العشاء الذي هاجم الدول "المقتصدة"، متهما إياها بـ"التناقض"، وفق مصادر عديدة. وانتقد ماكرون سلوك كورتز الذي نهض وغادر الطاولة لإجراء مكالمة هاتفية. وبحسب مصدر أوروبي فإن الأخير شعر "بالإهانة" من الملاحظة.

وقارن الرئيس الفرنسي أيضاً بين موقف رئيس الوزراء الهولندي مارك روته الذي يتزعّم المعسكر المعارض لخطة الإنعاش، وموقف رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون خلال مفاوضات سابقة، مشيراً إلى أن "نتيجة هذا النوع من المواقف كانت تنتهي بشكل سيئ".

كذلك، أكّد ماكرون خلال القمّة أنّ فرنسا وألمانيا هما اللّتان "ستموّلان هذه الخطة" و"أنّهما تقاتلان من أجل مصلحة أوروبا، في حين أنّ الدول المقتصدة غارقة في الأنانية ولا تقدّم أيّ تنازلات"، وفق مصدر مطّلع على المفاوضات.

وقال مصدر فرنسي إن "الرئيس كان قاسياً إزاء تناقضات (الدول المقتصدة) وضرب بيده على الطاولة".

وفي الوقت الذي تعاني أوروبا من ركود تاريخي، ترفض الدول المقتصدة بنوداً ضمن خطة ضخمة لإنعاش الاقتصاد في القارة العجوز، التي من شأنها أن تساعد دول الجنوب مثل إيطاليا وإسبانيا، الأكثر تضررا من الوباء.

أوروبا ضعيفة

وتركّز الخلاف حول خطة الإنعاش البالغة قيمتها 750 مليار يورو تستند إلى موازنة طويلة الأمد (2021-2027) للاتحاد الأوروبي بقيمة 1074 مليار يورو.

ودعا ميشال، أمس الأول، زعماء الاتّحاد الأوروبي إلى عدم إظهار "أوروبا ضعيفة"، حاضاً إياهم على التوافق حول خطّة تعافٍ اقتصادي لمرحلة ما بعد فيروس كورونا المستجد.

وأضاف خلال عشاء لرؤساء الدول والحكومات الأوروبّية المجتمعين منذ الجمعة في بروكسل، "السؤال هو الآتي: هل القادة الـ27 المسؤولون أمام شعوب أوروبا قادرون على بناء وحدة أوروبية وثقة؟ أم أننا سنُظهِر أوروبا ضعيفة يُقوّضها انعدام الثقة؟".

وحاول قدر المستطاع تليين مواقف الدول المقتصدة من خلال القبول ببعض اقتراحاتها مثل اقتراحه آليّة تسمح لأيّ بلد لديه تحفّظات على خطّة إصلاح أي بلد آخَر، بأن يَفتح نقاشاً بمشاركة الدول الـ27 رداً على رئيس الوزراء الهولندي مارك روته الذي يريد أن تتم الموافقة على الخطط الوطنية بإجماع الدول الـ27، ما يمنح فعليّا كل عاصمة حق التعطيل، للتأكّد من أنّ المبالغ المقدّمة لدول الجنوب التي تعتبر متراخية في ما يخصّ تطبيق شروط وضع الموازنة، ستنفق بالشكل الصحيح.

لكن هذه المطالب الملحّة للإصلاحات تقلق روما ومدريد اللتين تخشيان مواجهة برنامج إصلاح مفروض عليها (سوق العمل والرواتب التقاعدية)، كما حصل مع اليونان في السابق.

وقدمت بلجيكا آلية أكثر دقة تسمح لأي بلد لديه تحفظات حيال خطة بلد آخر، بفتح نقاش مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

كما تتطرّق القمّة إلى موضوع حسّاس آخر، هو ربط منح الأموال باحترام "دولة القانون". وبإمكان رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان أن يستخدم حق النقض لصد أي محاولة لربط تمويل الموازنات بالمحافظة على المعايير القانونية الأوروبية.

واتهم أوربان، أمس الأول، نظيره الهولندي بأنه يريد "معاقبته مالياً"، وبأنه "يكرهه".

back to top