صدرت عن سلسلة "روايات الهلال" في القاهرة منذ أيام الرواية الثانية التي كتبها الشاعر المصري أحمد شبلول عن الفنان التشكيلي الراحل محمود سعيد، بعنوان "الليلة الأخيرة في حياة محمود سعيد". وفي العام الماضي (2019) أصدر الكاتب رواية بعنوان "اللون العاشق" عن الفنان نفسه، وطبعت في دار الآن ناشرون وموزعون بالأردن.

ويقدِّم المؤلف في "الليلة الأخيرة في حياة محمود سعيد" أحداثاً متخيلة ممزوجة بالسيرة حول الساعات الأخيرة في حياة الفنان التشكيلي محمود سعيد، ابن مدينة الإسكندرية (شمال غربي القاهرة)، التي وُلد فيها يوم 8 أبريل 1897، وعاش فيها طيلة حياته، عدا بعض السنوات القليلة التي قضاها في العاصمة المصرية أثناء تعيين والده محمد سعيد باشا رئيساً لوزراء مصر، وفي باريس أثناء استكماله دراسة الحقوق وتعلم الرسم، وبعض المدن الأوروبية الأخرى التي كان يرتادها ويزورها لمشاهدة متاحفها وآثارها الفنية المختلفة.

Ad

ويرى الكاتب شبلول أن أعمال محمود سعيد الفنية ولوحاته العظيمة وألوانه المؤثرة تشكِّل كنزا لا يفنى، كما أن شخصيته تتمتع بجوانب درامية وإنسانية كثيرة، ويقول: "كلما قرأت عن حياة محمود سعيد حرضتني على الكتابة، إلا أنني اضطررت للتوقف عند عام 1935 عندما تناولت سيرة حياة لوحته الشهيرة (بنات بحري)، وأحسست عندما انتهيت من كتابة (اللون العاشق) أن هناك الكثير من الأشياء لم أقلها عن الرجل، وعن مسيرة حياته وعلاقاته بعد رسم (بنات بحري) التي كنت – وما زلت – أعيش أجواء رسمها، كأنني كنت معه أشاهده وأراقبه وأتحسس أخباره، وكان عليَّ أيضاً أن أعرف مصير البنات الثلاث بعد الانتهاء من رسم اللوحة، وانصرافهن عن الفنان وعالمه".

«بنات بحري»

ويذكر شبلول أنه قرأ ما قاله نجيب محفوظ عن تأثير محمود سعيد في تذوقه للفن والرسم، حيث قال: "إن لوحات محمود سعيد ما زالت منطبعة في مخيلتي بألوانها مثل (بنات بحري) و(بائع العرقسوس) والكثير من البورتريهات النسائية التي اشتهر بها، والتي استطاع فيها أن يجسِّد الجمال الشعبي، كما لم يفعله أحد من قبله".

ومن هنا أوضح شبلول: "عندما قرأت هذا عرفت مدى تأثير محمود سعيد في المحيط الثقافي والفني والأدبي في مصر. توقفت طويلاً عند قول محفوظ، وأحسست أن هناك الكثير لم أقله عن هذا الفنان، ولم يرد في الرواية الأولى، لكن كيف أبدأ في كتابة عمل آخر عن الفنان نفسه، فواتنني فكرة أن أكتب عنه أثناء لحظات احتضاره التي يبوح فيها بأسرار حياته، وبالكثير من المحطات المهمة فيها، ومنها على سبيل المثال تقديم استقالته عام 1947 عندما بلغ سن الخمسين، وكان قد وصل إلى رتبة مستشار في القضاء، والصراع الداخلي الذي عاشه ما بين مواصلة العمل الذي قد يقوده إلى تولي إحدى الوزارات، وتقديم الاستقالة، ليتفرغ للفن والرسم والسفر والتجوال ومشاهدة المعارض والمتاحف في العالم، وقد أبرزت هذا الصراع في أحد فصول الرواية الجديدة، إلى أن حزم قراره بالتفرغ للفن".

الضباط الأحرار

وعن أبرز ما دفعه لكتابة رواية ثانية تدور أحداثها في عوالم محمود سعيد، قال شبلول: "ما لفت انتباهي ولم أقله في الرواية الأولى موقفه من ثورة 23 يوليو 1952 ومن الضباط الأحرار، حيث كان سعيد محسوباً على القصر الملكي، باعتباره خال الملكة فريدة، والتقى الملك فاروق كثيراً، وكان الملك يشكو له أن الملكة لم تنجب سوى البنات. لقد عاش محمود سعيد صراعاً آخر وقت قيام الثورة يذكرني بصراع عيسى الدباغ في رواية (السمان والخريف)، لذا جعلته يلتقي الدباغ – وهو الشخصية الروائية عند نجيب محفوظ – تحت تمثال سعد زغلول في الإسكندرية. إن مثل هذه الأجواء وغيرها حفزتني لكتابة (الليلة الأخيرة في حياة محمود سعيد)، وبالتالي هي تأتي مغايرة تماماً لما ورد في (اللون العاشق)".

وقد أورد المؤلف في نهاية الرواية أسماء عدد من الكتب المرجعية المؤلَّفة والمترجَمة التي رجع إليها واستفاد منها في إنجاز "الليلة الأخيرة في حياة محمود سعيد"، التي تُعد الرواية الرابعة في سلسلة مؤلفات شبلول الروائية، حيث سبق له أن أصدر: "رئيس التحرير"، و"الماء العاشق"، و"اللون العاشق"، وله تحت الطبع رواية خامسة بعنوان "الحجر العاشق".

يُشار إلى أن أحمد شبلول من مواليد مدينة الإسكندرية، تخرَّج في كلية التجارة جامعة الإسكندرية، وحصل في مصر على جائزة الدولة التشجيعية في الآداب عام 2007، وجائزة الدولة للتفوق في الآداب عام 2019، وله ثلاثة عشر ديواناً شعرياً مطبوعاً، إلى جانب رواياته الأربعة.