بداية النهاية لإمبراطورية إيران الإعلامية الخارجية
«فيلق القدس» يفضّل «تفنيش» الإعلاميين بدلاً من المقاتلين بسبب شُحّ الموارد
يبدو أن حملة الضغوط القصوى الأميركية على إيران، التي تسببت بما قد يكون أقسى أزمة اقتصادية تعيشها البلاد في تاريخها، بدأت تترك تأثيراً ملحوظاً على النفوذ الإيراني المتمدد إقليمياً وبعض أدواته، التي تحتاح إلى صرف مبالغ ضخمة، مثل إمبراطورية وسائل الإعلام، التي تمولها إيران، خارج حدودها. في هذا السياق، أكد مصدر بالقسم الإعلامي في "الحرس الثوري"، لـ "الجريدة"، أن قائد "فيلق القدس" الذراع الخارجية للجهاز، اللواء الركن إسماعيل قآني، خلافاً لسلفه الراحل الفريق قاسم سليماني، لا يُعير اهتماماً كبيراً لوسائل الإعلام، وعلى هذا الأساس فإنه قام باقتطاع قسم كبير من المساعدات، التي كان يقدمها "الفيلق" لوسائل الإعلام الموالية لإيران خارج البلاد، وخصوصاً من خلال "اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية" المسؤول بشكل كبير عن تمويل الإعلام الخارجي.وأوضح المصدر أن "الحرس" يحمّل الحكومة مسؤولية اقتطاع ميزانية هذا الاتحاد، بسبب الأزمة الاقتصادية الناتجة عن العقوبات وتفشي "كورونا"، مضيفاً أن الحكومة، بذريعة العجز المتزايد في الميزانية، قامت بتجميد قسم من الميزانيات المخصصة للجهاز. وبموجب صلاحياته، فضل اللواء قآني الاقتطاع من رواتب "الإعلاميين"، على أن يصل الأمر الى رواتب "المقاتلين".
وكان بيمان جبيلي مساعد القسم الدولي لرئيس "مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيراني"، كشف في تصريح لـ "وكالة أنباء الطلبة"، الأسبوع الماضي، أن حكومة الرئيس حسن روحاني جمّدت قسماً من ميزانية المؤسسة، وخصوصاً تلك التي تتطلب مدفوعات بالعملات الصعبة، وهو ما نتج عنه عجز المؤسسة عن دفع اشتراكاتها في الشبكات الأجنبية للأقمار الصناعية، وبالتالي فإن بث شبكات "برس تي في" و"الكوثر" و"هيسبان تي في" و"العالم" و"سحر" توقّف بالفعل، على بعض الأقمار الصناعية، ومن الممكن أن يتوقف بثها بشكل كامل إذا استمر الأمر على هذا المنوال. ويقوم القسم الدولي في "مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيراني"، بتمويل أكثر من 60 شبكة تلفزيونية تابعة له، بشكل مباشر أو غير مباشر، في شتى أرجاء العالم، يُبث معظمها من داخل إيران، إضافة إلى نحو 200 إذاعة جميعها تبث بلغات غير فارسية.من جانبه، يقوم "اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية" بتمويل أكثر من 200 شبكة تلفزيونية، و600 إذاعة دولية ومحلية، وأكثر من 5 آلاف محطة إخبارية، ونحو 50 وكالة أنباء تنشر أخبارها بلغات غير الفارسية، في أرجاء العالم، ومعظمها يعمل من خارج إيران.وفي حين أن الشبكات التابعة لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيراني مسجلة باسم المؤسسة بشكل مباشر أو عبر وسيط، فإن وسائل الإعلام التي يمولها "اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية" مسجلة باسم أشخاص موالين لإيران في أرجاء العالم، ورسمياً ليس هناك أي صلة إدارية لها بطهران.وحسب المصدر، فإن وسائل الإعلام التابعة لفصائل "الحشد الشعبي" في العراق، كانت قد أسست "اتحاد التلفزيونات والإذاعات العراقية"، لكي يكون لها استقلال نسبي عن إيران، وكانت تتلقى مساعدات من الحكومة العراقية، إلى جانب التمويل الذي يصلها من "اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية"، لكن بعد وصول مصطفى الكاظمي إلى رئاسة الحكومة في بغداد، فإنه قام باقتطاع قسم كبير من المساعدات، التي كانت مخصصة للمؤسسات الإعلامية التابعة لـ "الحشد"، مما يعني أن هذه المؤسسات ستعاني شحاً في التمويل من مصدرين.وكشف مصدر آخر، أن بعض وسائل الإعلام الموالية لإيران، الناطقة بالعربية، والتي تعد مؤثرة وفعالة، مثل فضائية "الميادين" أو صحيفة "الأخبار" اللبنانية، التي تتلقى تمويلاً إيرانياً غير مباشر؛ ستتأثر بهذه القرارات، وستعاني أزمة مالية بشكل أو بآخر.