قال الموجز الاقتصادي الصادر عن بنك الكويت الوطني، إنه مع تسجيل أكثر من 88 ألف حالة إصابة مؤكدة (حتى 21 يوليو الجاري)، اتخذت الحكومة المصرية إجراءات وقائية لاحتواء تفشي جائحة «كوفيد - 19»، بما فيها إغلاق المطارات وفرض قيود على التنقل وحظر التجول، ضمن تدابير أخرى. ووفق الموجز، تبنت الحكومة حزمة تحفيز اقتصادي بقيمة 100 مليار جنيه مصري (6.3 مليارات دولار) للتخفيف من تداعيات الجائحة. وعلى الرغم من تضرر العديد من القطاعات بشدة، فإن وتيرة النمو الاقتصادي كانت معتدلة في الربع الأول من عام 2020 مقارنة بمعدلات النمو التي شهدناها أخيراً، لأن مصر لم تفرض تدابير احتواء الفيروس إلا في وقت لاحق من تلك الفترة (في مارس).
وسجل الناتج المحلي الإجمالي نمواً بنسبة 5.0 في المئة على أساس سنوي في الربع الأول من عام 2020 (الربع الثالث من السنة المالية 2019/2020) مقابل 5.6 في المئة في الربع الرابع من عام 2019، فيما يعد أقل من التوقعات الحكومية التي تشير إلى وصول معدل النمو إلى 5.9 في المئة، لكنها تعتبر من المعدلات القوية إلى حد ما مقارنة بمعدلات الانكماش التي شهدتها العديد من الدول الأخرى حول العالم.وقد يتراجع النمو في الربع الثاني من 2020 بوتيرة أعمق في ظل تأثير القيود المفروضة. وهذا ما يؤكده بالفعل الانخفاض الحاد الذي سجله مؤشر مديري المشتريات في مصر، إذ تراجع لأدنى مستوياته التاريخية وصولاً إلى 29.7 في أبريل. وعلى الرغم من تحسن المؤشر وارتفاعه إلى مستوى 40.7 في مايو و44.6 في يونيو على خلفية تخفيف إجراءات الحظر، فإنه بلغ في المتوسط 38.3 في الربع الثاني، فيما يعد أقل بكثير من متوسط عام 2019 البالغ 49.1 ما يشير إلى انخفاض شديد في نشاط القطاع الخاص.وفي ضوء ما سبق، من المرجح أن يتباطأ معدل النمو إلى حوالي 3 في المئة في السنة المالية 2019/2020 (التي انتهت في يونيو) مقابل 5.6 في المئة في السنة المالية 2018/2019. أما بالنسبة للسنة المالية 2020/2021، نتوقع أن ينخفض النمو إلى ما دون مستوى 2 في المئة، إذ ستظل العديد من القطاعات مثل السياحة والطيران والنقل والشحن تحت ضغوط شديدة، خصوصاً إذا استمرت أزمة الجائحة خلال النصف الثاني من العام الحالي. ووسط تراجع معدل النمو، من المترتقب أن يرتفع معدل البطالة خلال عام 2020، بعد انخفاضه إلى 7.7 في المئة في الربع الأول من عام 2020 مقابل 8.0 في المئة في الربع الرابع من عام 2019 و8.1 في المئة في الفترة المماثلة من العام الماضي.
الوضع المالي
تحسن الأداء المالي بشكل ملحوظ خلال النصف الأول من السنة المالية 2019/2020 وسط انخفاض عجز الموازنة إلى أقل من 4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. لكن تراجع الإيرادات إلى جانب الزيادة غير المتوقعة في نفقات الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية الأخرى، وتدابير التحفيز الاقتصادي ستؤدي إلى تدهور الوضع المالي. وتوقعت الحكومة أن يرتفع العجز إلى حوالي 8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2019/2020، لكن ذلك المستوى سيظل أقل من العجز البالغ 8.4 في المئة المسجل في السنة المالية 2018/2019.أما بالنسبة للسنة المالية 2020/2021، فقد أقرت مصر أكبر ميزانية في تاريخ البلاد بقيمة 2.2 تريليون جنيه مصري (137 مليار دولار) وتتضمن زيادة الإنفاق على الاستثمار العام والخدمات الاجتماعية بشكل رئيسي، خصوصاً قطاعي الرعاية الصحية والتعليم. وفي ضوء الأزمة الحالية، فقد يزداد عجز الميزانية إلى 7.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2020/2021 وفقاً للتقديرات الحكومية، مقابل التقديرات الصادرة في أبريل، التي بلغت 6.2 في المئة ومقابل المستوى المستهدف قبل الجائحة بنسبة 5 في المئة. وتهدف مسودة الميزانية إلى خفض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي من 85 في المئة في السنة المالية 2019/2020 إلى 82.7 في المئة و77.5 في المئة في السنة المالية الحالية والقادمة على التوالي، لكننا نعتقد بأن تحقيق تلك الأهداف سيكون مرهوناً بمدة استمرار الجائحة.القطاع الخارجي
سيتسع عجز الحساب الجاري وسط تفشي الجائحة التي أثرت على بعض المصادر الرئيسية للعملة الأجنبية في مصر، إذ انخفضت عائدات قناة السويس بمقدار32.1 مليون دولار لتصل إلى 5.72 مليارات دولار خلال السنة المالية 2019/2020 فيما يعزى بصفة رئيسية إلى انخفاض الإيرادات بنسبة 9.6 في المئة على أساس سنوي في مايو وحده نظراً لتباطؤ حركة التجارة الدولية. ومن المتوقع أن يخسر قطاع السياحة المصرية 62 في المئة على الأقل من إيراداته في عام 2020، وفقاً لمعهد التخطيط القومي. كما أدت الأزمة إلى تأثر تحويلات المصريين العاملين في الخارج نظراً إلى عودة الآلاف منهم إلى مصر أو نتيجة لفقدان وظائفهم.