ليبيا: خطط عسكرية ونشاط دبلوماسي... وتركيا تصعّد

البحرية اليونانية تهدد بالتصدي لأنقرة في شرق المتوسط وواشنطن تطالب الأتراك بالتراجع

نشر في 23-07-2020
آخر تحديث 23-07-2020 | 00:04
إردوغان خلال خطاب أمس الأول في أنقرة (أ ف ب)
إردوغان خلال خطاب أمس الأول في أنقرة (أ ف ب)
رغم المساعي الدبلوماسية الدولية النشيطة لتجنب حصول مواجهة إقليمية كبيرة بين أنقرة والقاهرة، يعكف العسكريون في البلدين على وضع خطط عسكرية وسيناريوهات معقدة لرسم شكل تصادمهما المحتمل على الأرض الليبية.
بعد تشكيل القاهرة غرفة عمليات عسكرية لمتابعة الأوضاع الميدانية في ليبيا إثر منح البرلمان المصري تفويضاً للرئيس عبدالفتاح السيسي لإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، أفادت تقارير بأن تركيا انتهت من إعداد خطة عسكرية ودبلوماسية للتعامل مع احتمال التدخل المصري .

ونقلت التقارير عن مصادر تركية تأكيدها أن أنقرة "تراقب تبعات قرار البرلمان المصري السماح بإرسال قوات مصرية إلى ليبيا عن كثب".

وكشفت المصادر أنه بحال إرسال مصر قوات عسكرية إلى البلد العربي "فإن تركيا لديها خطة لزيادة قواتها ومعداتها العسكرية الموجودة في ليبيا للوقوف في وجه القوات المصرية" دون توضيح إذا كان ذلك يعني مواجهة بين الجيشين.

وبعد اجتماعه أمس، أكد مجلس الأمن القومي التركي "استمرار وقوفنا مع الشعب الليبي ضد أي عدوان" وان تركيا ستواصل "عملياتها العسكرية خارج البلاد ضد الإرهابيين بموجب الحقوق النابعة من القانون الدولي".

ودافع المجلس عن التحركات التركية في شرق المتوسط وجدد "تصميم أنقرة على حماية مصالحها وحقوقها في شرق المتوسط ولن تسمح بأي مبادرة يمكن ان تلحق الضرر بأجواء الأمن والاستقرار في قبرص". ودعا المجلس ارمينيا الى التخلي عن "مواقفها العدوانية والانسحاب من الاراضي التي تحتلها في اذربيجان".

حراك

وبينما لم يسفر كل التحشيد العسكري من حكومة الوفاق الليبية المدعومة خصوصاً من تركيا وقوات "الجيش الوطني الليبي" بزعامة المشير خليفة حفتر المدعومة خصوصاً من مصر والإمارات وفرنسا عن اندلاع معركة لا في سرت أو في الجفرة اللتين أعلنتهما القاهرة خطاً أحمر، كثفت عدة أطراف دولية وإقليمية نشاطها الدبلوماسي بحثاً عن مخرج للأزمة الليبية المحتدمة رغم تراجع احتمال تصادم مصر وتركيا وتزايد سخونة التوتر بشأن ثروات شرق البحر المتوسط بين أنقرة واليونان وقبرص.

وبينما بحث الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد سبل خفض التصعيد والتوتر على الساحة الليبية، أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالين هاتفيين مع كل من وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان ونظيره الألماني هايكو ماس تناول خلالهما بإسهاب كبير تطورات الأوضاع في البلد المجاور لمصر.

وشدد شكري على الأولوية التي يوليها الجانب المصري للعمل على وقف إطلاق النار وللتوصل إلى حل سياسي تفاوضي ليبي ـ ليبي.

وفي الوقت نفسه، أكد شكري أن النجاح في التوصل للحل السياسي المنشود يقتضي "التصدي بحزم لانتشار التنظيمات المتطرفة في الأراضي الليبية والتدخلات الخارجية على نحو لا يهدد المصالح المصرية فحسب، وإنما يمس أمن الدول المطلة على البحر المتوسط، بل الاستقرار الإقليمي والدولي بشكل عام".

في هذه الأثناء، قال بيان مشترك إن تركيا وروسيا اتفقتا، في محادثات بأنقرة، على مواصلة الجهود المشتركة لتهيئة الظروف من أجل وقف دائم لإطلاق النار في ليبيا وتدرسان تشكيل مجموعة عمل مشتركة.

وجاء في البيان الذي نشرته وزارة الخارجية التركية أن أنقرة وموسكو اتفقتا في المحادثات على إتاحة المجال أمام تحقيق تقدم في الحوار السياسي بين الليبيين، وحثتا الأطراف المعنية على اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان وصول المساعدات الإنسانية.

في موازاة ذلك، اتفق وزيرا خارجية روسيا والجزائر سيرغي لافروف وصبري بوقادوم على استحداث آلية للتشاور والتنسيق بشأن ليبيا.

وقال الوزيران، خلال مؤتمر في موسكو، إنه لا حل عسكرياً للأزمة ولا بد من الحوار السياسي والحلول الوسط وتوازن المصالح.

وأضاف بوقادوم: "اتفقنا على إلزامية وقف إطلاق النار وتخفيف حدة التوتر للانتقال إلى التسوية السياسية".

وكان المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن أكد أخيراً أن بلاده "لا ترغب في تصعيد التوتر ومواجهة مصر في ليبيا"، لكنه شدد في الوقت نفسه على دعم حكومة "الوفاق" التي مازالت تحشد قواتها لانتزاع السيطرة على مدينتي سرت والجفرة رغم اعتبار القاهرة أنهما خطاً أحمر لا يجوز تجاوزه.

تحذير وتمسك

من جانب آخر، ارتفعت سخونة الخلافات بشأن ثروات شرق البحر المتوسط بعد يوم من إصدار أنقرة "تنبيهاً دولياً" بإطلاق عملية للتنقيب عن الغاز والنفط في المياه المتنازع عليها مع اليونان.

وفي حين طالبت الولايات المتحدة الحكومة التركية، بإلغاء كل إجراءاتها قرب جزيرة كاستيليريزو اليونانية ووقف جميع خطط العمل وتجنب الخطوات التي "يمكن أن تؤدي إلى زيادة التوترات"، وصف "الاتحاد الأوروبي" الخطوة التركية بـ"الرسالة الخاطئة".

وأعلنت البحرية اليونانية أنها في حال "تأهب" ومتابعة بسبب الأنشطة التركية في بحر إيجة، مؤكدة استعدادها لمواجهة الأنشطة التركية المتزايدة فى البحر المتوسط.

في المقابل، أكدت تركيا رفضها لموقف اليونان التي هددتها بعقوبات أوروبية. ونقلت وكالة "بلومبرغ" للأنباء عن الخارجية التركية، القول في بيان، إن سفينة الاستكشاف "أوروتش ريس" ستواصل تقييم منطقة كانت غطتها سفينة أخرى سابقاً وتقع ضمن ما كانت أبلغت به أنقرة الأمم المتحدة بأنه جرفها القاري.

وأثارت التحركات التركية للتنقيب عن الغاز شرقي البحر المتوسط انتقادات كبيرة من اليونان وقبرص ومصر وفرنسا، وخصوصاً بعد توقيع أنقرة مذكرة تفاهم لترسيم الحدود البحرية مع حكومة "الوفاق" الليبية.

back to top