الاتفاق العسكري التجاري المقترح بين الصين وإيران وآثاره على باكستان
تفيد التقارير بأن الصين وإيران تتفاوضان حول اتفاق تجاري وعسكري بقيمة 400 مليار دولار، وتأتي هذه الأخبار وسط توقعات مفادها أن إيران قررت سحب الهند من مشروع مهم في مجال سكك الحديد.يحمل هذان التطوران تداعيات بارزة على باكستان، علماً أن المصالح الاقتصادية والأمنية الباكستانية لها صلة وثيقة بالصين، وتعتبر باكستان الاستثمارات الهندية على طول المنطقة الحدودية الغربية تهديداً على أمنها القومي.قد تكون هذه التطورات فرصة كي تُعمّق باكستان روابطها مع إيران، إذ بقيت العلاقات الثنائية تاريخياً بين باكستان وإيران متوترة بسبب علاقات إسلام أباد الوثيقة مع المملكة العربية السعودية، لكن في السنوات القليلة الماضية، حاولت باكستان أن تعيد التوازن إلى علاقاتها بين البلدين، وهذه الجهود تنجم جزئياً عن محاولة باكستان التحكم بالفوضى الطاغية على طول حدودها مع إيران، لكنّ هذا التوجه قد يرتبط أيضاً بالصين التي تعتبر المنطقة الحدودية بين باكستان وإيران جزءاً أساسياً من "مبادرة الحزام والطريق" العالمية.
في الماضي، عبّر كبار قادة إيران عن رغبتهم في الانضمام إلى "الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني" وتوسيع الروابط الاقتصادية والدفاعية مع باكستان، ومن المتوقع أن تتبلور الشراكة التي تقترحها الصين مع إيران بموجب "مبادرة الحزام والطريق" التي تهدف إلى ربط آسيا الوسطى وأفغانستان بأوروبا عن طريق "الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني" المتمركز في باكستان. يعني ضم إيران رسمياً إلى "مبادرة الحزام والطريق" و"الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني" أن طهران تستطيع تخفيف أزمة الطاقة المرتقبة في باكستان، وتستطيع إيران من جهتها أن تزيد تصدير الكهرباء إلى 3 آلاف ميغاواط في باكستان. على صعيد آخر أنهت طهران الجزء المتعلق بها من خط أنابيب الغاز الذي تأخّر كثيراً بين إيران وباكستان، وهو يحمل اسم "خط أنابيب السلام"، ومن المتوقع أن يتلقى هذا المشروع دعماً إضافياً بفضل الميثاق التجاري بين الصين وإيران، ويُقال أيضاً إن إيران تُخطط لبناء خط أنابيب للغاز الطبيعي المُسال يصل إلى الصين على طول مسار "الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني"، فهذا الجانب المرتبط بالطاقة في الشراكة الباكستانية الصينية الإيرانية قد يرفع مستوى التكامل الإقليمي في جنوب آسيا. على الصعيد الأمني، تعني هذه التطورات أن إيران ستحصد مكاسب إضافية عبر دعم "الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني" ومصالح صينية أخرى في باكستان كتلك التي تهددها الجماعات المسلحة البلوشية ومعارضة الهند للمشروع، فقد استهدفت تلك الجماعات البلوشية بورصة باكستان مثلاً منذ فترة قصيرة، علماً أن هذه البورصة باعت 40% من حصصها الاستراتيجية إلى اتحاد صيني في عام 2016، ولامت باكستان الهند على ذلك الهجوم، وحتى الجماعات البلوشية المسلحة التي تنشط على طول الحدود الباكستانية مع إيران، وفي هذا الإطار قد تستفيد باكستان كثيراً من تكثيف التعاون الدفاعي والاستخباري بين إيران والصين، ومن المتوقع أيضاً أن تستغل باكستان والصين انضمام إيران إلى "الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني" لتعقب المقاتلين ومراقبتهم والتحرك ضدهم لأنهم يسببون اضطرابات متواصلة في جزء أساسي من "مبادرة الحزام والطريق"، وقد تشكّل باكستان والصين وإيران قوة عسكرية مشتركة لتقاسم المعلومات الاستخبارية وتنفيذ عمليات مستهدفة ضد المقاتلين الذين يستعملون الحدود الباكستانية الإيرانية لزعزعة استقرار المنطقة.أخيراً، يُقال إن الاتفاق الاستراتيجي الإيراني الصيني يحظى بدعم الحرس الثوري الإيراني القوي، وقد يؤدي تكثيف الاتكال المتبادل بين الصين وإيران اقتصادياً وعسكرياً إلى تحسين التعاون بين وكالات الاستخبارات الباكستانية والإيرانية، وهذا التطور يمنح باكستان فسحة مريحة في كامل الجناح الغربي الذي يبقى حتى الآن معرّضاً للعمليات التخريبية الخارجية ويتأثر بغياب الالتزام الإيراني على المستوى الأمني.* عمير جمال* «دبلومات»