مجتمعنا قد تلذذ بأموال النفط وكل ما جلبه من الرفاهية النسبية التي عاش في رغدها ردحاً من الزمن وترهَّل بسببها نشاطه وأداؤه الحضاري، وتعطلت ملكاته ومهاراته التي قهر بها البحار والقفار وشظف العَيْش، فكانت هذه المهارات سبب استمراره وتميزه عبر العصور، وجثمت عليه بطالة مقنعة بلغت ٦٠٪ يعززها نظام للتوظيف يسعِّر الشهادات مما دفع إلى تزويرها في ظل زحف القطاع العام على القطاع الخاص، فتجمدت طاقات المجتمع الحيوية في ثلاجات الأعمال المكتبية، وانغمس الموظفون في كل الجهات والمؤسسات الحكومية في صراعات على المناصب في أجواء التدخل السياسي والمحاصصات في توزيع هذه المناصب، ومضت السنون ونحن في هذا الوضع الضال.فجاءتنا الهزة العنيفة من وباء كورونا حين تهاوت أسعار النفط، وانكشف خواء الاحتياطي العام والخسائر التي تتهدد الأصول في الصناديق السيادية في حال تسييلها، فتعالت الأصوات المنادية بالاقتراض بدل تسييل الأصول وفرض الضرائب على المواطنين، إلا أنها خفتت في ضجيج انفضاح جرائم نهب المال العام البالغ مئات الملايين وعمليات غسل الأموال وغياب الإصلاح الشامل الذي يقتلع الفساد، وينهي الهدر في المصروفات، ويخلق قاعدة إنتاجية جديدة وتنمية حقيقية توجِد مصادر بديلة للنفط، وتصنع مواطنا منتجا قادرا على إعالة نفسه عبر امتلاكه مهارات يتطلبها سوق العمل، إضافة إلى إصلاح خلل الموازنة والتركيبة السكانية.
وبناء على ما تقدم، وإذا أردنا أن نعيد للمواطن الكويتي فعاليته وحيويته، فلابد من بسط الخصخصة الرشيدة على أغلب القطاعات من كهرباء، وماء، ومواصلات، واتصالات، وتعليم، وصحة.هذه الخصخصة ستعيد للكويتي روح التحدي وتطوير الذات للاستمرار في الوظيفة، وكذلك الترقي الوظيفي فتذوب معايير الترقيات عبر الأقدمية، ويسود الالتزام بمواعيد العمل والانضباط والجدية في الأداء لصرامة معايير ومبدأ الثواب والعقاب.والخصخصة ستفرض بدورها التركيز باهتمام واحترافية عالية على التربية والتعليم للتوافق مع متطلبات الشركات في ظل تعليم خاص يراقبه ويطوره ويُقَيِّمه، بالإضافة إلى المنظمات العالمية، عباقرة التعليم والتربية والتدريب من الكويتيين مع الاستعانة بخبرات ذات تجارب ناجحة في دول الإقليم الخليجي والدول الأجنبية المتطورة، وفرض حصول أعضاء التدريس على ترخيص (license) مزاولة مهنة التدريس وفق أحدث وأرقى المعايير. فيأتي طبيعياً فرض التكويت ٧٠٪ وثالثة الأثافي حتى الوظائف الحكومية يجب أن تُدار بأنظمة القطاع الخاص وإمكانية فصل الموظف وجعل القبول لطالب الوظيفة عبر الاختبارات الكاشفة للمهارات والاستعدادات الذهنية والنفسية التي تتطلبها الوظيفة، وإنهاء القبول عبر الشهادات و(السي في) والمقابلات الشخصية السطحية والمزاجية الفاشلة.بغير الخصخصة وتطوير نظام التعليم المهترئ لا يمكن أن يتحقق الإصلاح.
مقالات - اضافات
مثلث التطوير
24-07-2020