هل فات الأوان؟
تزايد الحديث خلال الفترة الماضية عن ضرورة الإسراع في معالجة الخلل في التركيبة السكانية، حيث أظهرت أزمة كورونا الجوانب السلبية الكثيرة التي تسبب بها تجار الإقامات الذين أغرقوا البلاد بالعمالة الهامشية والعشوائية وجلبوا الآلاف على شركات ومشاريع وهمية وتركوهم يواجهون مصيرهم المجهول، فنجح بعضهم في الحصول على عمل، وبقي آخرون يبحثون عن لقمة العيش، وفي الوقت ذاته تسبب هؤلاء بالضغط على الخدمات التي تقدمها الحكومة سواء الصحية أو الكهرباء والماء، وأصبحت الشوارع مكدسة بالمركبات والبشر، ودخلنا في أزمة مرورية خانقة لم نخرج منها حتى الآن.وفي الحقيقة أن الحديث في هذا الموضوع ذو شجون، ولم يحل منذ سنوات، حيث تأسست اللجنة الوطنية لمعالجة التركيبة السكانية قبل ٥ سنوات، إلا أنه لم يتحقق شيء على أرض الواقع، كما أن مسؤولين في الحكومة يتحدثون عن أن علاج الخلل في التركيبة السكانية سيستغرق سنوات طويلة، وهذا يعني غياب الإرادة والجدية في مواجهة هذه المشكلة الكبيرة، وترك الباب مفتوحا أمام تجارة الإقامات، بل فتح أبوابا أخرى لاستقدام عمالة غير مؤهلة للبلاد من خلال شركات من الباطن تجلبهم للعمل في المشاريع الحكومية والصغيرة والمتوسطة.
وترتبط أزمة التركيبة السكانية ارتباطاً وثيقاً بانتشار البطالة بين الكويتيين، حيث سيطر الوافدون على مدار سنوات طويلة على الكثير من الوظائف التي كان من الممكن أن يشغلها المواطنون، ورغم أن الدولة تسعى جاهدة لتطبيق سياسة الإحلال والتكويت فإن هناك الكثير من الجهات الحكومية لاتزال تغرد خارج السرب، وتوظف الوافدين مكان الكويتيين، وتستقدم عمالة من الخارج رغم وجود آلاف طلبات التعيين في ديوان الخدمة المدنية، الأمر الذي يثير الحيرة والدهشة حول الجدية في مواجهة قضايا مصيرية للوطن والمواطنين؛ مثل خلل التركيبة السكانية وتكويت الوظائف.إن الكويت أمام تحدّ مستقبلي حقيقي، فتعداد السكان في الوقت الراهن 4 ملايين و800 ألف يمثل الكويتيون منهم مليونا و450 ألفاً وغير الكويتيين 3 ملايين و350 ألفاً، أي أن نسبة الكويتيين تبلغ 30% وغير الكويتيين 70% وهذا يمثل خللاً كبيراً في التركيبة السكانية، ونحتاج إلى إصلاح فوري قبل فوات الأوان، يبدأ بوقف استقدام العمالة من الخارج، وأن تكون المعايير قائمة على الكفاءة والمهارة والاحتياج وتطبيق نظام الكوتة حتى لا تسيطر جنسية واحدة على العمالة الوافدة، فالطريق واضح المعالم والحلول موجودة، ولكن يبقى السؤال: هل ستأخذ الحكومة هذا الأمر بجدية وتعمل جاهدة على حل هذه المشكلة المصيرية، أم أن القصة ستظل معلقة لسنوات طويلة، وستمضي أزمة كورونا وتبقى أزمة التركيبة السكانية؟