خاص

الفروانية... رُفع العزل وبقيت أزمة لقمة العيش

• الآثار النفسية لتداعيات فيروس كورونا أكبر من أن يزيلها رفع حاجز أسمنتي أو سلك شائك
• مقيمون لـ الجريدة•: نتمنى تسديد ديوننا والعودة إلى أوطاننا فيكفي ما عانيناه

نشر في 27-07-2020
آخر تحديث 27-07-2020 | 00:09
الفروانية خارج العزلة... لكن تداعيات الحظر لاتزال مستمرة في نفوس المقيمين، ممن يعتبرون أن الآثار النفسية لتداعيات "كورونا" أكبر من ان يزيلها رفع حاجز اسمنتي او سلك شائك، طالما ان لقمة عيش عشرات آلاف الوافدين لا تزال أسيرة مراحل عدة تحول بين تلك العمالة وفرص العمل بأقل عناء وتكلفة.

فُك العزل عن الفروانية وبقيت آثاره في الشوارع ببقاء بعض الحواجز الخرسانية والأسلاك الشائكة التي تفصل الفروانية عن بعض المناطق الأخرى المجاورة لها مثل "العمرية وخيطان والضجيج وإشبيلية"، وبالرغم من عدم وجود رجال الشرطة على المخارج والمداخل بالمنطقة فإن العزل النفسي بقي في نفوس الكثيرين ممن فقدوا أعمالهم ومصادر أرزاقهم بسبب أزمة كورونا.

ورغم دعوات العمالة الوافدة بفك العزل عن الفروانية كانت تتصاعد أسبوعيا قبيل كل اجتماع لمجلس الوزراء، فإن ترقب تلك العمالة لفك العزل عن منطقة الفروانية لعدة اسابيع ماضية كان ينتهي بمزيد من الإحباط، حتى جاء القرار أخيرا بفك العزل عن الفروانية مع الساعات الأولى من صباح أمس، لاسيما أن الفروانية من أكثر المحافظات كثافة سكانية في الكويت، يقطن بها جاليات من جنسيات عدة أبرزها "المصرية والهندية والبنغالية والفلبينية"، إضافة إلى جنسيات أخرى متفرقة تنتمي إلى القارة الآسيوية والإفريقية، وبعض القارات الأخرى، وذلك لقربها من المحافظات الست بمختلف الاتجاهات.

"الجريدة" جالت داخل الفروانية، عقب فك عزلها منذ الساعات الأولى، ولم تمر ساعات إلا وتكدست الشوارع بالسيارات في كل مكان ذهابا وايابا داخل الفروانية وخارجها، إلا أن المنطقة التي كانت قبل كورونا بابا لأرزاق الكثيرين ممن يقيمون بها أغلقت بها أبواب الرزق، فالكثير من المحلات بسبب جائحة كورونا أصبحت مهجورة؛ أُغلقت أبوابها وأطفئت إنارتها إلى أجل لا أحد يعلمه إلا الله.

العزل النفسي

أصبحت الفروانية مهجورة؛ أغلقت المطاعم وهجرتها بعض محلات الصرافة ومحلات الجملة التي كانت تعتمد بشكل كبير على العمالة المقيمة بها، والتي فقدت بدورها مصادر أرزاقها، حتى إن بعض تلك العمالة بعد فترة زمنية من العزل بدأ يمد يده للناس باحثا عما يسد جوع يومه.

في البداية، قال إلياس أحد أصحاب الحرف اليديوية من المقيمين من الجنسية الهندية، إنني أعمل في الكويت منذ ما يقارب 14 عاما حلاقا في نفس المحل، الذي أتيت عليه أول يوم في الكويت، كنت أعيش قبل "كورونا" حياة كريمة والحمد لله، إلا أن الجائحة وبعد عدة أشهر من العزل جعلتني أبحث عن زبائني ممن أعرفهم، أشكو لهم حالي لعلي أحصل على دينار أو اثنين استطيع أن أسد به جوعي.

أزمة المواصلات

بدوره، قال زكي علي، أعمل في إحدى الشركات في منطقة الحراج بالجهراء، ولا أملك سيارة أذهب بها إلى عملي، وكنت أعتمد في الذهاب إلى العمل على المواصلات العامة "الباصات"، فهي بالنسبة لي مع بعد المسافة أرخص وسيلة يمكن أن أركبها للوصول إلى مقر عملي.

وأضاف علي: جاء العزل وتوقفت المواصلات العامة نهائيا عن العمل، ولم استطع طوال الفترة الماضية أن أخرج من بيتي في الفروانية، خاصة أني مريض ببعض الأمراض المزمنة، والآن بعد فك العزل لا زلت أجلس في بيتي، فكيف أذهب إلى عملي وأنا لا أملك سيارة، ولا استطيع أن أركب تاكسي بشكل يومي في ظل ارتفاع أسعار المواصلات.

إيجارات متأخرة

من جانبه، قال عبدالناصر أحد حراس احدى البنايات في الفروانية، دعوات الأهالي وترقبهم بفك العزل عن الفروانية لم تنقطع، خاصة بعدما تم رفع العزل عن الجليب وخيطان والمهبولة وبقيت الفروانية معزولة عن باقي مناطق الكويت، مبينا أنه أنشأ جروبا على "الواتس اب " لكل سكان العمارة التي يحرسها مع بداية الأزمة لتلبية حاجاتهم بقدر المستطاع، خاصة أن بعض سكانها ممن كان لديه تصريح عدم تعرض يستطيع الخروج والدخول، ومن خلال هذا الجروب كنا نلبي الاحتياجات البسيطة للناس مثل "الخبز والمياه"، وأحيانا أنابيب الغاز.

وأضاف: فيما يخص الإيجارات فأغلب الناس خلال تلك الأزمة تأخر عن دفع الإيجارات لثلاثة وأربع أشهر وصاحب العقار يقدر ظروف الناس وما مروا به وانقطاع أرزاق بعضهم، وتوقف البعض الآخر عدة أشهر عن العمل، وإن شاء الله تعود الحياة طبيعية كما كانت، ونأمل أن يتم ايجاد لقاح لهذا الوباء لنعود إلى ما كنا عليه في السابق قبل انتشار وباء كورونا.

السفر إلى بلداننا

من ناحيته، قال محمد رمضان: أصبحت لا استطيع أن اتحمل بعدما عشت في أزمة نفسية طوال تلك الأشهر، ومثلي الكثيرون ممن فقدوا أعمالهم، ولولا أن الدولة سعت من خلال جمعياتها الخيرية أن توفر الغذاء للناس ممن لا يملكون أية أموال في مناطق العزل لحدثت الكثير من الحوادث، ولقد شاهدنا بعض حوادث الانتحار خلال تلك الأزمة، والآن بعد هذه الفترة نتمنى أن نسدد ما علينا من ديون للناس، والتي تراكمت خلال هذه الأيام، ونكمل هذا العام على خير ونعود إلى أوطاننا، فيكفي ما عانيناه من الغربة.

بصيص تفاؤل بأن القادم أجمل

محاولات الحديث مع الناس في الفروانية باء أغلبها بالفشل، فأغلب الناس لم يكن لديها الوقت أو القدرة النفسية على الحديث عن أحوالها بعد فك العزل، إلا أن هناك بصيص تفاؤل لدى البعض، فعم عادل عند لقائه أمام أحد المساجد قال: الحمد لله فك العزل، والناس أصبح لديهم وعي بحقيقة الأزمة.

وأضاف: نتمنى من الجميع الحرص على أنفسهم وعلى الآخرين، لكي تمر تلك الجائحة بأقل خسائر، وإن شاء الله القادم أفضل.

توقف النقل العام يشكل أزمة لدى بعض الجنسيات ومحلات ومطاعم هجرت المنطقة

مساعدات الجمعيات الخيرية بالطعام منعت الكثير من حوادث الانتحار
back to top