مسارات الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب
بعد استبعاد كليات الهيئة من مظلة قانون الجامعات الحكومية، ووأد مشروع فصل التعليم التطبيقي عن التدريب بإنشاء جامعة تطبيقية، ومن قبله إلغاء الحكومة قانون جامعة جابر، لم يتبق أمام هيئة التطبيقي إلا مواجهة الواقع باتخاذ خطوات وإجراءات استثنائية لإثبات دورها الوطني ورسالتها التعليمية.بالرغم من معرفتي الكثير من خفايا الغرف المغلقة فإنني لن أتطرق في هذا الوقت عن الأسباب الحقيقية التي حرمت كليات الهيئة من حقها المشروع في إنشاء جامعة تطبيقية تضم كلياتها، ولا إلى الطريقة التي تم فيها إقصاؤها من قانون الجامعات الحكومية، وما ستره الليل فإن الأيام المشرقة كفيلة بكشفه.بما أن الحديث عن مسارات الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب ودورها، وهي الكيان والحاضن الأكبر والملاذ الآمن لطلبة الكويت بين مؤسسات التعليم، والتي لم تتأخر يوما عن إيجاد الحلول لقبول أبنائها الطلبة والطالبات، فإنها اليوم تثبت مسؤوليتها الوطنية مرة أخرى من خلال إعلانها قبول الطلبة الدارسين بالخارج الذين منعتهم ظروف جائحة كورونا من استكمال دراستهم، فضلا عن خريجي الثانوية العامة.
هذا الوضع الاستثنائي لجائحة كورونا كشف عن العديد من المشاكل التي يواجهها البلد، ومنها اختلال المنظومة المهنية والتركيبة السكانية لدولة الكويت، مما يتطلب إطلاق يد إدارة التطبيقي في إصلاح ما يمكن إصلاحه من خلال تفويض مجلس إدارة الهيئة بإعطائها الضوء الأخضر بفتح ما تراه من تخصصات تعليمية تواكب احتياجات الدولة الآنية والمستقبلة، وتحاكي مسارات سوق العمل العالمية. إن كانت الحكومة جادة في دعم التعليم فعليها مساندة الهيئة العامة للتعليم التطبيقي بتمكينها من تطبيق رؤيتها، كما أن على إدارة الهيئة وروابطها العمل على استمرار التعاون والتنسيق فيما بينها لتعزيز هذا الدور على كل الصعد، وأن تدور رسالتها التعليمية حول مفهوم واحد (لكل خريج هناك أكثر من فرصة عمل حقيقية ضمن معايير الكفاءة والجودة).أسعدني كثيرا نشاط رابطة هيئة التدريس بكليات الهيئة بتصريحها حول أهمية وجود عمداء الكليات ضمن مجلس الإدارة ودعمها لمشروع إنشاء جامعة تطبيقية من الكليات الخمس، لكن هذه المطالب تتطلب التحرك بثبات ورؤية واضحة ومتابعة لهذه المطالبات، مع الأخ وزير التربية والتعليم العالي، وسمو رئيس مجلس الوزراء، فقضية فصل التطبيقي عن التدريب مازالت هي المحور الأساسي للنهوض بالهيئة.هناك الكثير من التخصصات التي طرحتها الكليات، ظلت معلقة وبعضها تم رفضه لأسباب غير منطقية رغم أنها برامج فنية ومهنية يحتاجها سوق العمل في كل القطاعات، وعلى الرغم من وضوح هذه الحاجة وقدرة الهيئة على تلبيتها فإن النظرة للهيئة لم تتغير (معاهد تطبيقية لا يسمح لها بالنمو وتطوير ذاتها، وعليها أن تبقى على ما هي عليه).من يراهن على أن أبناء الهيئة غير قادرين على النهوض بها أو أنهم سيكتفون بالمشاهدة فإن عليه أن يراجع حساباته، فالقضية مصلحة وطن ومستقبل طلبة.ودمتم سالمين.